IMLebanon

إقتراح جريء

رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط إقترح إدخال بعض التعديلات الطفيفة على اتفاق الطائف لا تمسّ الجوهر وهي فصل الإدارة عن السياسة، أي منع الحزبيين إلى أي حزب كانوا من الدخول إلى الإدارة، كما اقترح إدخال تعديل آخر، يقلّل من سلطة الوزير التي هي اليوم أشبه بسلطة الحاكم المطلق الصلاحية باعتبار أن تعيينه في عهد الطائف هو أيضاً تعيين سياسي، ويهدف النائب جنبلاط من هذا الاقتراح إلى فصل الإدارة عن السياسة الحزبية وغير الحزبية كما كان الحال في عهود سابقة لدستور الطائف، حيث كان مجلس الخدمة المدنية يشكل الحصانة للإدارة كجسم مهني محترف.

رئيس التقدمي أصاب الهدف في طرحه هذا بعد سيطرة السياسة على الإدارة سيطرة تامة أدى إلى إفسادها وسيطرة المحسوبية الحزبية عليها بحيث شكلت وباءً بدءاً بانتشار الفساد وانتهاءً بسوأ الأداء، وما كان لجنبلاط أن يتقدم بمثل هذا الاقتراح لو لم يلمس بيده ما آلت إليه الإدارة من فساد وفوضى بحيث تحولت الى مراكز حزبية تعمل لمصلحة هذا الحزب أو ذاك باعتبارهم حزبيين يُدينون بالولاء الكامل لحزبهم وليس للدولة، ما أوصل الإدارة إلى الحالة التي هي فيها اليوم والتي يشكو منها المواطنون حتى عمّت الشكوى كل واحد في لبنان والمطالبة بخطوات جديدة لاستعادة الإدارة من تسلط السياسيين الى سابق عهدها حيث كانت مكاناً آمناً للكفاءات اللبنانية وما أكثرها وليست كما هي اليوم مكاناً آمناً يتحصن به الحزبيون ويعيثون فساداً كما هو الحال في مصلحة كهرباء لبنان حيث تتكبّد الخزينة منذ أكثر من عشرين سنة خسائر فادحة أرهقت الخزينة وفي غيرها من الوزارات والإدارات التي يعشعش فيها الفساد ولا من يسأل بسبب إدخال السياسة إلى الإدارة وسيطرتها عليها بشكل كامل.

والنائب جنبلاط يتحدث بوصفه رئيساً لحزب لبناني كبير وبالتالي يعرف ما يدور داخل الإدارة من خلال محازبيه، ويعرف أيضاً ماذا فعلت السياسة بالإدارة منذ وضع اتفاق الطائف موضع التنفيذ وكيف كان السوريون في سنوات الوصاية يستفيدون من هذا الوضع بوضع يدهم على الإدارة والتصرف بها لحسابات شخصية وعلى حساب المصلحة الوطنية اللبنانية وهو من هذا الموقع يتحدث وليس بهدف فتح ملف إعادة النظر في اتفاق الطائف لغايات ومصالح سياسية أيضاً حيث لجنبلاط موقف آخر عبّر عنه في أكثر من مناسبة وهو التمسّك بالطائف الذي أمّن المناصفة بين المسيحيين والمسلمين بمعزل عن العدد، وأدخل تعديلات جوهرية وأساسية ومهمة على  الدستور اللبناني تهدف إلى تعزيز المشاركة بين المكونات اللبنانية كما هدف الى توفير كل الشروط الدستورية لصيغة العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين، فطرحه إذاً نابع من حرصه على الإدارة وعلى بقائها محصنة من الألاعيب السياسية والمحسوبية والمحاصصة التي أدى استخدامها في الإدارة إلى إفساد هذه الإدارة وإلى إلحاق أكبر الأضرار بالدولة، وليس استشهاد جنبلاط بمصلحة كهرباء لبنان إلا أحد الأمثلة الكثيرة عن وضع