الكلام عن الحوار وشروط الحوار غير مهم عندما نكون أمام حوار مفخخ، ونعني بالحوار المفخخ: «تعالوا نتحاور… ولكن على قاعدة عون مرشحنا»، فأي حوار هذا الحوار؟ وكيف يمكن أن نقرأه؟ وبدلاً من أن يبدأ صاحب الدعوة بالكلام المباشر على الحوار فقد أعلن أنّ مرشحه هو ميشال عون ذاكراً إياه بالاسم للمرة الأولى بينما كان في السابق يكتفي بالإشارة إليه.
أولاً- نحن نعلم أنّه عندما يريد السيّد حسن نصرالله أن يمشي بالحوار، ولو كان جدياً به، ولو كان حواره حقيقياً لكان بدأ قائلاً: لنضع ميشال عون جانباً وتعالوا نتحدّث عن رئيس جمهورية توافقي نلتقي واياكم عليه.
ثانياً- هنا يحضرني أنّه عند انتخاب الرئيس ميشال سليمان ان ميشال عون عندما تبلغ الدعوة للذهاب الى الدوحة للاتفاق على سليمان ثارت ثائرته، واتصل بداية باللجنة العربية، وبالذات بأمين عام جامعة الدول العربية آنذاك عمرو موسى،
فجاءه الجواب: لا علاقة لنا بك.
فحاول الاتصال بحليفه حسن نصرالله، فإذا الجواب: سماحة السيّد ليس على السمع.
ثم بعد ساعة اتصل به حسين خليل المعاون السياسي للأمين العام وقال له: السيّد وعد.
عون: ولكن السيّد وعدني.
خليل: فعلاً السيّد وعد اللجنة العربية والتزم أمامها بسليمان.
فثار غضب عون! ولكنه حصل في المقابل على مساعدة مالية كبيرة لكي يؤسّس تلفزيون الـ OTV هذه القناة التي هي ظاهرياً قائمة على التبرّعات، ولكن التبرّع من قطر وبقيمة 70 مليون دولار.
ثالثاً- تناول سماحته في خطابه ليل أمس الذي حرص على أن يكون من خلال حضور مباشر مع الجمهور وليس عبر الشاشة كما درجت العادة، موضوع الصراع في المنطقة، فقال إنّه صراع سياسي وليس صراعاً سنّياً – شيعياً.
ولا بدّ من القول إنّ طرح قصة سنّي – شيعي في المنطقة، بدأت مع مجيء الخميني الى السلطة في إيران في العام 1979، وكان صدّام حسين أوّل من تصدّى لهذا الموضوع تحت مواجهة شعار «تصدير الثورة الإسلامية»، فآية الله الخميني لم يطرح مشروعاً سياسياً… بل طرح مشروعاً طائفياً – مذهبياً.
هذا في المنطلق، أمّا في التفصيل فعندما يفاخر القادة الإيرانيون بأنّ حدود الدولة الإيرانية الاسلامية تبدأ من أفغانستان وتنتهي في البحر المتوسط يعني: إلغاء العراق وسوريا ولبنان… وهذا هو ما أشار إليه عاهل الاردن عبدالله بن الحسين عندما حذّر من «الهلال الشيعي».
رابعاً- وبدأ نصرالله بطرح الأمثلة من الصراع في ليبيا تأييداً لقوله إنّ الصراع غير طائفي إنّما هو سياسي، ثم تناول في هذا السياق الأحداث في غير بلد من بلدان المنطقة بما فيها مصر تحديداً.
فالصراع في تلك البلدان هو بين الشعوب والإخوان المسلمين… ولو لم يفشل الإخوان ولو لم يزج الجيش المصري بمحمد مرسي في السجن لكان العالم العربي كله اليوم إخواناً مسلمين… علماً أنّ واشنطن كانت داعمة الإخوان بقوة.
خامساً- وعندما ذكر قطر فقد أثبت سماحته أنّه وفيّ لها لأنّه في العام 2006 كان أميرها السابق أوّل من زار الضاحية وكان وزير خارجيتها يتنقل بين تل أبيب والضاحية، وهذا ينطبق عليه المثل السائر: «قل لي من تعاشر أقل لك مَن أنت».
سادساً- ونذكر السيّد بأنّه فاته أن يتحدّث عن تونس التي آخر ما سجّل فيها الانتخابات الديموقراطية في الاسبوع الماضي حيث أسقط الشعب التونسي الإخوان.
سابعاً- ثم تناول السيّد في كلامه «داعش»، وسماحته يعرف تاريخ «داعش» ومَن أسّسها وما هو الهدف منها، ويعرف أكيداً أنّها إنتاج النظامين السوري والعراقي اللذين خرجت قيادتا «داعش» وكوادرها من سجونهما كما ذكرت «الشرق» غير مرّة بالتفصيل… من دون أن يفوتنا أنّ صدّام كان قد حرّك قواعد لـ»القاعدة» لمواجهة الأميركيين.
ثامناً- أمّا كلامه عن أنّ «داعش» تقتل السني والشيعي والكردي والمسيحي وسواهم… وأنّها صناعة أميركية… فكيف تسعى واشنطن الى القضاء على «داعش» عبر إئتلاف دولي كبير يضم نحو 60 دولة؟!.
قليلاً من المنطق يا سماحة السيّد!