Site icon IMLebanon

بون لـ«السفير»: اللاجئون ليسوا إرهابيين

 

1500 نازح سوري من لبنان إلى فرنسا

بون لـ«السفير»: اللاجئون ليسوا إرهابيين

لا تعرف فرنسا، ربما. لم يسبق لها أن تزورها ربما. قالوا لها ربما، إنها بلاد جميلة وآمنة، وفيها نهر، وفيها سينما، وفيها أضواء وشوارع واسعة، وفيها ينبت عشب أخضر والكثير من الورود، وفيها الأطفال يكبرون ويتعلمون ويقرأون.

تدخل النازحة السورية منى (اسم مستعار) مكاتب «المركز الثقافي الفرنسي في بيروت» لإجراء المقابلة في شأن اللجوء الى فرنسا. ترحب بها الموظفة الفرنسية من «المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين»، وتشرح لها باللغة الفرنسية بينما يقوم المترجم بنقلها الى العربية بـ «نحنا ضمن برنامج انساني لحماية اللاجئين، كل شي سري، ولا شي راح يطلع للسلطات السورية أو اللبنانية، فيك تحكي من دون خوف، راح نسألك عن وضعك العائلي وأوراقك، وليش تركت سوريا».

تقدّم منى أوراقها. تتأكد الموظفة من تاريخ الولادة، ومن مكان الإقامة (وين عشت كل حياتك؟ شو اسمها الضيعة؟). تسأل الموظفة عن أسماء الأهل، وعن أسباب مغادرة سوريا والظروف التي دفعت بمنى الى القدوم الى لبنان، والدوافع للجوء الى فرنسا. تجيب منى عن الأسئلة، وكأنها تعيد شريط ذكرياتها، ومحطات حياتها، وكأنها تسترجع الأسماء والتواريخ والماضي واستشراف المستقبل في مقابلة سرية أمام موظفة فرنسية.

يشرح الموفد من «المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين» الى لبنان مراد درباك أن منى هي واحدة من نحو 250 شخصاً ستتم مقابلتهم خلال هذين الأسبوعين بالتزامن مع البعثة الرابعة للمكتب في لبنان منذ سنتين ونصف. تنوي فرنسا، هذا العام، استقبال 1500 لاجئ سوري من لبنان على ثلاث دفعات. تضع «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» معايير اختيار العائلات والأفراد المرتكزة على الهشاشة كالأشخاص الذين يحتاجون الى رعاية طبية، أو الذين تعرّضوا للتعذيب.

وتتطابق المعايير الفرنسية مع معايير مفوضية اللاجئين من دون أن يشكل إتقان اللغة الفرنسية عاملاً ضرورياً، ومن دون اعتبار لأي فوارق دينية أو مذهبية. يتم رفض عدد قليل من الملفات التي تحتوي على نقاط غامضة أو شائكة أو متناقضة.

تراود اللاجئين هواجسُ عدة، وفق مراد درباك، وتحتل الصحة المقام الأول باعتبار أن الكثير من الأشخاص لا يتلقون معاينة صحية، كما اضطر البعض لوقف العلاجات الطبية. ويرتكز الهاجس الثاني عند السوريين على متابعة الأولاد تعليمهم، ففيما يفضل كبار السن البقاء في بلدان قريبة من سوريا، يفضل أهالي الأولاد اللجوء الى بلدان أخرى لحفظ حق أولادهم في التعليم. وتشير الأرقام، وفق درباك، إلى أن 80 ألف شخص من مختلف أنحاء العالم طلبوا اللجوء الفوري (عدا عن اللجوء ضمن البرامج المتخصصة) الى فرنسا في العام 2015 منهم 5200 سوري.

تغطي الدولة الفرنسية كلفة الإيواء للاجئين السوريين في فرنسا بينما يرافق أحد العاملين الاجتماعيين الأفراد خلال العام الأول لمساعدتهم في تدبير شؤون حياتهم، مع توفير تغطية صحية ودراسية وصفوف لغة فرنسية. يتوزّع اللاجئون في مختلف الأراضي الفرنسية بعيداً عن المدن الكبرى (باريس، ليون) مع الأفضلية للمدن الصغيرة والمتوسطة. ويمكن للاجئ السوري أن يبقى في فرنسا الفترة الزمنية التي يرغب بها. يقول درباك إنه من الصعب على الفرد أن يكون لاجئاً، خصوصا المتقدم في العمر، غير أن الأمور تترتب شيئاً فشيئاً مع الإشارة الى أن اللاجئين السوريين يظهرون قدرة على سرعة تجاوز المحن التي يمرون بها.

يعبّر السفير الفرنسي في لبنان ايمانويل بون عن سعادته في استقبال بعثة المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية لتحضير إعادة توطين بعض اللاجئين السوريين في فرنسا استكمالاً لزيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الأخيرة الى لبنان.

تلتزم فرنسا أمام المفوضية بإعادة توطين 3000 لاجئ سوري من لبنان. يعتبر بون أن الرقم ضئيل بالمقارنة مع أعداد اللاجئين السوريين في لبنان غير أن إعادة التوطين تعبير عن تضامن فرنسا مع لبنان، ووقوفها الى جانبه في مواجهة تداعيات الأزمة السورية مع احترام فرنسا لالتزاماتها الأوروبية وهاجسها في توفير الظروف الحياتية الحسنة للعائلات السورية الهشة. يشير بون في حوار مع صحف لبنانية بينها «السفير» الى أنه يجب التفريق بين اللاجئين والإرهابيين. ولا يمكن لأحد أن يقول إن اللاجئين هم إرهابيون، بل إنهم أفراد اضطروا الى مغادرة عائلاتهم وبيوتهم بسبب ظروف الحرب.

ويشدد بون على أنه يجب تطويق الخطر الإرهابي واتخاذ الخطوات الضرورية للحفاظ على الأمن. ويستنكر بون الأحداث الأخيرة في القاع، مؤكداً دعم فرنسا للبنان والجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية في مواجهة المخاطر الأمنية.