Site icon IMLebanon

«عيدية» الرئيس مُؤجَّلة… إلى الربيع المقبل!

كان مستعجلاً أو مخطئاً من منَّن النفس بأنّ الرئيس العتيد سيُضيء شجرة الميلاد في قصر بعبدا قبل حلول العيد ولو على عجل. وعلى رغم الجهود التي بُذلت لإنهاء الشغور الرئاسي فقد اصطدمت بجبال من العقبات، إذ تداخلت العوائق الخارجية مع الداخلية وألغت الفواصل في ما بينها، لذلك ليس من الصعب الإشارة الى بعض منها. كيف ولماذا؟

يعترف أحد المتحمّسين لوصول رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا بأنّه استعجل الخطوات وبنى أحلاماً كثيرة. فقد تصوّر واقتنع من دون تدقيق أنّ التحضيرات التي سبقت الخطوة إقليمياً ودولياً كانت كافية لرعاية «التسوية» التي شكّلت صدمة إيجابية في جانب منها لساعات أعقبت لقاءات باريس، قبل أن تتحوّل كابوساً يقضّ مضاجع أهل البيت من فريقَي «8 و14 آذار» وما بينهما من وسطيّين ومستقلّين، فتحوّلت «التحالفات السياسية» التي تحكّمت بمعادلة سلبيّة الإستحقاق الرئاسي منذ الدعوة الى ثاني جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، الى ما يُشبه «ألعاباً كرتونية» يمكن أن تنهار بين ليلة وضحاها.

ويضيف: كنا نعتقد أنّ الظروف الداخلية مؤهَّلة لمثل هذه المفاجأة التي حيكت في ظروف اعتَقد البعض أنّها متكاملة وليس أمام القادة اللبنانيين ولا سيما المسيحيين إلّا العبور إليها من مسالك فتحوها بأيديهم مجتمعين: فهم حدَّدوا أولويّة أن يكون الرئيس من الأقطاب الأربعة الذين التقوا تحت عباءة بكركي. وأنّ تفاهماتٍ ضمنيّة بين المعسكرَين قالت إنّ الدعم لا يستحقّه إلّا مَن يخرج من «شرنقته» ومَن يحظى بنعمة الخرق لحصون الآخرين وسيكون مؤهّلاً ليحظى بالإجماع.

ويلفت إلى «أننا كنا سذّجاً لدرجة أنّنا اقتنعنا بأنّ هذه التفاهمات الداخلية في المعسكرَين والتي عوَّلت على خرقٍ ما يُحقّقه أحد الأقطاب الأربعة في التكتلين الأساسيَّين، سيوفّر تلقائياً النصاب القانوني لأيّ جلسة انتخابية ولن يكون صعباً في حال حصول هذا الخرق أن يكون ثلثا أعضاء المجلس إلى جانبه في أوّل جلسة انتخابية لن تنتهي إلّا بإعلان رئيس المجلس انتهاء الشغور الرئاسي لتنطلق عجلة المؤسسات وفق ما يقول به الدستور.

ومنّنا النفس بنهضة إقتصادية وانفراجات سياسية وحديث عن حكومة جديدة وقانون انتخاب جديد يُنهي ولاية المجلس الممدّد له فور إنجازه لأنه سيتضمّن في أبرز بند من بنوده تقصير ولايته.

أمام مسلسل الأحلام هذه، يعترف مَن استعجل الخطوات «أنّنا كنا نعتقد أنّ كلاً من الرئيس سعد الحريري وفرنجية قادران على جَمع صفوف الطرفين وسيقودان التسوية قبل أن يتبيَّن أنّ أياً منهما لم ولن يتمكّن من ضمان موافقة أقرب حلفائه.

فاهتزّت العلاقة في المعسكرَين وفتحت الجبهات الداخلية لتتكشّف حقائقَ مستغرَبة عبّرت في جوانب منها عما يكنّه الحلفاء بعضهم لبعض من الودّ والإلتزام المشترَك بالتفاهمات العميقة بينهم لو لم تكن مكتوبة بالحبر الأسود.

وعلى هذه الخلفيات، بدأت الأمور تتعقّد، فاصطدم الحريري بأبناء من بيته المستقبَلي والحلفاء، وكذلك فرنجية لم يرَ مَن يقف الى جانبه من حلفائه، فانقسموا بين مَن خوّنه ومن لاذ بالصّمت المطبَق ما أثار الريبة لدى فريقه على رغم ما يُمثّله ترشيحه من انتصار لـ«8 آذار» على أكثر من مستوى. وظهرت بوادر تفاهمات جديدة رسَمتها ردات الفعل العصبية لا الثوابت السياسية التي حكمتها لسنواتٍ خلت.

كلّ ذلك كان يجري قبل أن تتصدّع الجبهات الإقليمية، ففعلت ردات الفعل الداخلية فعلها في الرعاية السعوديّة لقوى «14 آذار» من جهة، وظهرت في جانب آخر منها حقيقة مواقف قادة «8 آذار» بعدما تبيّن أنه ليس أوان التسويات لديها مهما حملته من هدايا.

ومن هذه المعطيات بالذات ظهر جلياً أنّ الإستحقاق مؤجَّل وأنّ المفاوضات الداخلية التي شهدها المعسكران ستنتهي قريباً الى تعليق ما هو مطروح من أسماء وسط مزيد من الأسئلة عن البديل من فرنجية طالما أنه آخر المطروحين؟ وما ستكون عليه النتائج لطيّ هذه الصفحة؟

وهل صحيحٌ أنّ مثل هذا الإستحقاق لن يمرّ قبل أن تتوضّح حقائق إقليمية ودَولية تُنهي صمت «حزب الله» وهو الذي يراقب التمدّد الروسي في سوريا متوجّساً ومعه طهران من احتمال تجاوز دورهما هناك؟ وما ستكون عليه التسوية في اليمن وحصّة إيران منها؟

وبمعزل عن كلِّ هذه التطوّرات فإنّ الأجوبة على هذه الأسئلة تحتاج شهوراً تقودنا الى الربيع اللبناني المقبل على الأقل. والى ذلك الوقت ثمّة سؤال بسيط مطروح على القادة اللبنانيين ومفاده: طالما أنكم لم تنجحوا في إقناع مواطنيكم بموقع لمطمر نفايات فهل ستنجحون في عبور الإستحقاق الرئاسي؟