الدولار غيّر مفهوم المدرسة، من تعليمية الى دكانة تجارية، هذا ما خلص اليه الاهالي بعد دخولهم في صراع محتدم بين المدارس الخاصة والمكتبات التي حوّلت الاسعار الى الدولار لتحقيق الارباح على حساب الطالب الذي يتخبط ببدل النقل ويبحث عن طريقة ليصل الى المدرسة.
اهتز السوق مجدداً مع اهتزاز الدولار الاسود، ارتفعت الاسعار بمجرد ان تحرك عداده فوق الـ٣٦ الف ليرة في رقم قياسي جديد سيغير الاسعار برمتها. لا عجب ان خرجت لعبة الدولار على ابواب المدارس، حيث بدأت صرخات الاهالي تعلو، وتحديداً مع شراء الكتب، والبحث جار عن المستعمل، فالجديد بات لمن استطاع اليه سبيلاً. أسعار الكتب وفق سعر الدولار الموازي، وأضيف اليها « كوستوم» المدرسة الذي سُعّر ايضاً بالدولار، فالمدارس الخاصة وجدت فرصتها الحقيقية في ظل هجرة الطلاب من الرسمي الى الخاص، على عكس ما قاله مدير عام التربية، في ظل المخاوف من تأخر أو تعثر انطلاق العام الدراسي في المدارس الرسمية بسبب الاضرابات، في وقت انطلقت عجلته في المدارس الخاصة.
اكثر من معضلة تقف في وجه الاهالي اليوم، الاولى تتمثل باسعار الكتب الكاوية فأقل كتاب يبلغ سعره 400 الف ليرة، وبدل النقل، وهنا تتمثل الكارثة، فأقل تلميذ سيكلف اهله مليون ليرة شهرياً، فكيف اذا كان لدى العائلة ثلاثة اطفال، فيما رواتب الاهل لا تتجاوز 3 ملايين ليرة لبنانية؟
لا يُحسد الاهالي اليوم على حالهم، فظروفهم قاسية جداً، وفق رانيا وهي ام لثلاثة اولاد فإنها تقف عاجزة عن توفير الكتب الجديدة لاولادها، فأسعارها لا تناسب ميزانيتها، اضافة الى ان «المدرسة تفرض ضرائب غير مباشرة علينا، من رفع ثمن الزي المدرسي والذي تجاوز الـ15 دولاراً، الى الزي الرياضي الذي بلغ راتب الحد الادنى اي 35 دولاراً، عدا عن الزي الصيفي وغيرها من متطلبات لا تتوقف من المدارس وكلها الزامية وليست اختياريه».
منذ اسبوع وتبحث رانيا عن كتب مستعملة، تجول على مراكز كتب الاعارة التي جرى افتتاحها، علّها تعثر على عدد منها، «ولكن لم يحالفني الحظ، ففي هذه المراكز اللي سبق اشترى، ومن تأخر اكل الضرب».
واكثر ما يقلق رانيا اجرة النقل، فهي ستتكبد اكثر من ثلاثة ملايين ليرة للنقل فقط، قد ترتفع بمجرد ارتفاع اسعار المحروقات، وهو ما تجده مقلقاً «كيف سنتدبر امرنا وراتبي لا يتجاوز الـ4 ملايين ليرة، وماذا عن متطلبات المدرسة الاخرى؟».
على ابواب المدارس، يبدو ان صرخات الاهالي ترتفع اكثر، فكثر عاجزون عن شراء الكتب التي جرى ضربها بـ20 وتصل الى 30 احيانا كثيرة، هذا ناهيك عن فلتان سوق الكتاب، حيث لا رقيب ولا حسيب، فكل مدرسة «فاتحة ع حسابها» والاهم بالدولار طالما الرقابة غائبة، ما وضع علياء في مأزق حقيقي، فـ»اسعار الكتب التي وضعتها المدرسة توازي ضعفي مكتبات الخارج»، واكثر تقول «ما كانت تطلبه المدرسة اشتريته بأقل من النصف من الخارج. للاسف تحولت المدارس دكاكين لبيع العلم وليس لخلق الابداع، والاخطر ان النقل بات كارثة الكوارث فكيف سنتحمل؟».
لا يخفي ابراهيم، وهو سائق فان للطلاب، هذا الامر، فهو يجد ان النقل هذا العام «بيخسّر» ، «صحيح انه مرتفع على الاهل ولكنه يعود بالخسارة علينا، خاصة وان الكلفة باتت باهظة في ظل ارتفاع البنزين. نحن قلقون، فكيف بالاهل؟ الله يعينهم».
لا يوجد ما يبشر بالخير بالعام الجديد، فالاهل «ايدن ع قلبن» على حد وصفهم، خاصة وان المدارس الخاصة أقدمت على رفع الاقساط، على الاقساط نفسها، حتى قبل بدء العام بحجة «ارتفاع الدولار»، ووضعت تسعيرة الكتب وفق سعر الدولار الاسود بشكل مخالف للقانون، فهي تتصرف وكأنها «فرعون زمانها» استغلت هجرة الطلاب اليها بسبب التخوف من تعثر المدارس الرسمية، وبدأت تفرض شروطها التعجيزية التي يرتضيها الاهل على مضض «منترك ولادنا بالشارع؟».
هي ازمة حقيقة يعيشها الاهل اليوم، فهم بين مطرقة المدارس الخاصة وسندان المدارس الرسمية، وبين الاثنين تجرعوا الغلاء.