على الرغم من لفحة الإيجابيات التي تحدث عنها أكثر من مسؤول معني بملف ترسيم الحدود الجنوبية البحرية، فإن حال التأزّم السياسي الداخلي، على واقعه السابق من المراوحة والإستقرار من الناحية السلبية، وذلك انطلاقاً من انسداد الأفق أمام عملية تأليف الحكومة، التي تبدو مجمّدة بانتظار تطورات سياسية تتخطى الساحة المحلية إلى عواصم القرار الغربية والإقليمية، حيث أن مصادر ديبلوماسية، تستشرف تحوّلات مقبلة، ولكن من دون تحديد طبيعتها، ولكنها تؤكد، أن ستاتيكو الإنهيار، لم يعد قابلاً لأن يستمرّ، بعدما بدأت تتّضح معالم الحلول للملفات المصيرية في المنطقة، وفي مقدّمها ملف الغاز والنفط، والذي بات البوابة التي عادت من خلالها الإدارة الأميركية الحالية إلى المنطقة.
وتنطلق هذه المصادر، من وساطة مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن، آموس هوكشتاين، الذي يرعى مفاوضات بالغة الأهمية، وإن كانت بدأت منذ سنوات ولم تحقّق أي نتيجة، إذ أن وساطته هذه المرة تختلف عن كل جولات المفاوضات التي شاركت واشنطن برعايتها منذ العام 2015، بحيث تقترب هذه العملية سريعاً من تطوّر تحدّث عنه بالأمس رئيس مجلس النواب نبيه بري، كما أكده رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ولم تتّضح طبيعته، لكنه على الأرجح سيحرّك المشهد الداخلي ويقود إلى حسم الإتجاه، سواء سلباً أم إيجاباً خلال أسبوعين، وهو الموعد الذي حدّده هوكشتاين، قبيل مغادرته بيروت أول من أمس.
وعليه، تسأل المصادر الديبلوماسية نفسها، عن أسباب التفاؤل الذي يبديه الوسيط الأميركي، بإمكان التوصل إلى اتفاق على صعيد الترسيم الحدودي، مشيرةً إلى أن الحاجة الأميركية إلى الحلّ وتسوية هذا الملف اليوم قبل الغد، لا تترافق مع استعداد لبناني، للسير في أي صيغة حلّ، من دون أن تربطه برزمة مطالب واقعية جداً وتحفظ الحقوق اللبنانية في النفط والغاز، خصوصاً وأنها المرة الأولى التي تجتمع فيها كل القوى والمرجعيات السياسية على موقف واحد من هذا الملف. وبالتالي، فإذا كان الإتجاه هو فعلاً يسير في طريق إنتاج تسوية لملف الترسيم تتيح للبنان بدء الإستفادة من ثروته البحرية، فإن هذه التسوية، ستكون نقطة الإنطلاق نحو الخروج من الأزمة المستمرة منذ ثلاث سنوات، على حدّ قول المصادر الديبلوماسية نفسها.
لكن المصادر نفسها، تستدرك محذّرةً من الإفراط في أي سيناريوهات تفاؤلية، على الأقلّ قبل الأيام القليلة المقبلة، حيث أن الموقف الإسرائيلي، لم يتحدّد بعد من رفض لبنان لكل اقتراحاته حول الخطّ 23 بالدرجة الأولى قبل أي تفصيل آخر يتعلق بملف الترسيم. وفي هذا السياق، ترى المصادر، أن التركيز على الترسيم، سيتطلّب مزيداً من الوقت والجولات والزيارات للوسيط الأميركي، موضحةً أن الوقت قد حان لكي يتّجه لبنان نحو مباشرة العمل في استثمار البلوكات النفطية، التي تقع خارج المناطق المتنازع عليها، والضغط بالتالي على الإدارة الأميركية، من أجل إعطاء الضوء الأخضر لشركات التنقيب العالمية، لكي تباشر أعمال الإستكشاف والتنقيب واستثمار هذه البلوكات في أقرب فرصة ممكنة.