IMLebanon

تدابير الحدود: انتزاع ملف النزوح من «المفوض السامي»

ماذا رأى درباس في «المنام».. وكيف فسّره؟

تدابير الحدود: انتزاع ملف النزوح من «المفوض السامي»

 

تتباين المقاربات لملف النازحين السوريين الى لبنان، ويتبارى الكثيرون في التنظير وإعطاء الدروس من وراء المكاتب او من وراء البحار، حول كيفية التعاطي مع هذا الملف الحساس، لكن المؤكد والثابت بالارقام والوقائع على الارض ان هناك قرابة مليون ونصف مليون نازح ينتشرون على امتداد الجغرافيا اللبنانية، ويعيش معظمهم في ظروف معيشية صعبة، تفتقر الى أبسط الشروط الانسانية.

وإذا كانت الاجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطة اللبنانية على الحدود لضبط عبور السوريين من خلال أذونات دخول، قد شكلت مادة للنقاش الداخلي بين مؤيد لها ومعترض عليها، إلا ان ما ليس مفهوما هو ان تنبري بعض الجهات الدولية لانتقاد التدابير اللبنانية، متجاهلة مسؤوليتها عن الواقع السائد، سواء لجهة مساهمتها في الحريق السوري او لجهة تقصيرها المزمن في مساعدة النازحين والدول التي تؤويهم، وفي طليعتها لبنان.

وتحت وطأة تضخّم ملف النازحين السوريين، أصبح هاجس هذا الملف يلاحق وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في الليل والنهار، وصولا الى.. «المنام»!

يروي درباس انه رأى في نومه مؤخرا الحلم الآتي: كنت وزوجتي لوحدنا في المنزل، وفجأة دخل علينا عدد كبير من الاشخاص الموزعين بين رجال ونساء وأطفال، وتوجهوا إلي بالقول: «بدنا ننام..»، ثم ما لبثوا ان أخذوا غرفة النوم، ما اضطرني الى ان أطوي نفسي حتى انام في سرير للاطفال. بعد ذلك أنزلتني زوجتي الى خيمة في الشارع للإقامة فيها. ويضيف: لكن فجأة، ارتفع صوت هاتفا: «ممنوع الخيم..». بهذه العبارة، يختم درباس سرده للمنام، مستنتجا تفسيرا واحدا له وهو ان منسوب النزوح ارتفع الى حد أغرق لبنان، وانه إذا استمر الوضع على هذا المنوال فقد يأتي وقت لا يجد فيه بعض اللبنانيين إمكانية للسكن في منزل او حتى في خيمة!

ويؤكد درباس ان التدابير المتخذة على الحدود هي موضع توافق وطني، وانه سمع من وزراء في «التيار الوطني الحر» و «حزب الله» تأييدهم لها.

ويرى درباس ان بعض الانتقادات الداخلية والخارجية للاجراءات المتخذة ليست في محلها، متسائلا: اين المستغرب في ان نطلب من الزائر السوري للبنان ان يملأ استمارة تتضمن سبب مجيئه (السياحة او الطبابة او التعلم او الزيارة..) ليتقرر ما إذا كان يجب منحه إذن بالدخول؟

ويستهجن درباس محاولات تشويه موقفه «ليس انا من يُتهم بالعنصرية والانعزالية».

ويؤكد ان الغاية من ضبط الدخول التمييز بين اللاجئ وغير اللاجئ وصولا الى وقف النزوح، أولا لانه ليس لدى لبنان قدرة على احتمال المزيد، وثانيا لانه لم يعد يوجد من مبرر لتوافد نازحين جدد، إلا إذا كان المطلوب استقبال نازحين آتين من مناطق مجاورة لتركيا والاردن بعدما قرر هذان البلدان التشدد في الإجراءات.

ويروي كيف انه عندما جال ورئيس مجلس الأمة الكويتي على بعض مخيمات النزوح في لبنان، سأل الضيف الكويتي بعض المقيمين في الخيام عن المناطق التي يأتون منها، فقالوا له انهم جاؤوا من حلب وإدلب والقامشلي، ولما سألهم عن سبب مجيئهم الى لبنان، أجابوه: لبنان أحسن..

والمفارقة ان درباس وافق على التدابير المستحدثة من دون ان يكون مطلعا عليها بشكل مسبق، «لان لي ثقة في وزارة الداخلية والامن العام، وهما المختصان بالتفاصيل اللوجستية والادارية على الحدود، لتنظيم الدخول، تحت سقف القرار السياسي المتخذ في الحكومة وهو وقف النزوح الى لبنان وحصره بالحالات الانسانية الخاصة التي يعود لي كوزير للشؤون الاجتماعية حق البت فيها».

وتشير مصادر رسمية مواكبة للتدابير الجديدة الى ان الدول المجاورة اتخذت اجراءات مشددة تتناسب مع مصالحها، من دون مراعاة أي اعتبار آخر، في حين ان إمكانياتها أكبر وعدد النازحين المتواجدين على أرضها أقل، قياسا الى حجم لبنان، لافتة الانتباه الى ان الاردن يستخدم «بصمة العين» في معاملاته، وتركيا تجمع النازحين في مخيمات تشبه مخيمات الاعتقال.

وتحذر المصادر من ان لبنان فقد في لحظة ما السيطرة على حدوده البرية مع سوريا، حتى كادت هذه الحدود تتلاشى كليا بفعل موجات النزوح الكثيفة التي أدت الى استهلاك البنى التحتية خلال سنتين، بعدما كان مقدرا لها ان «تخدم» 15 سنة.

وتشدد المصادر على ان هناك بُعدا سياسيا وطنيا في القرار الصادر بإعطاء أذونات دخول للسوريين، لافتة الانتباه الى ان هذا القرار سمح للبنان بان يستعيد المبادرة، ويمسك بملف النازحين مجددا بعدما انتزعته طويلا منه المفوضية الدولية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، التي كانت تتصرف بحرية تامة، حتى كادت تصبح بمثابة «المفوض السامي» الحاكم بأمره.

وتشير المصادر الى مردود أمني شديد الاهمية، سينتج من عملية ضبط دخول السوريين الى لبنان، موضحة ان من شأن التدابير المستحدثة الحصول على «داتا» أمنية، ستفيد في تعزيز متطلبات الحصانة الداخلية.