الفريق الرئاسي عطّل فتيل التهديد الأخطر على لبنان.. والتوقيع يوازي قرار السلم والحرب
أبطل الفريق الرئاسي، في الأيام الاخيرة، أكثر من لغم زرعته القوى السياسية. وزرْع الألغام بات دأب هؤلاء منذ أن جففوا خزينة الدولة، بعدما حولوها على امتداد أعوام الطائف الثلاثين ونيف مزرابا لمنافعهم الشخصية وتنفيعاتهم الزبائنية.
اللغم المعطَّل رئاسيا، والأكثر خطورة، تمثّل في طريقة تعاطي القوى السياسية الميليشيوية مع مسألة الحدود البحرية. تصارعوا فيما بينهم على المقاربة والتخريجة، لكنهم اتفقوا بسحر ساحر، بل بسحر أرنب مشهود، على رمي كل ثقل الحدود على رئاسة الجمهورية. وإلا كيف يُفسّر سيناريو توقيع وزيري الأشغال العامة والدفاع، متوجا بتوقيع رئيس حكومة مستقيل، على مشروع مرسوم عادي لا استثنائي مشوب بعيب غياب مرجعية القرار نتيجة استناده الى جلسة مغيبة لمجلس الوزراء بتاريخ ناقص؟ التواقيع الثلاثة لا تنشئ مرسوما فاعلا، بخلاف رئيس الجمهورية الذي بمجرد مهر توقيعه سينشئ مرسوما مأزوما، غير دستوري، قابل للمراجعة والطعن، والأخطر أنه سيتسبب بأزمة إقليمية – دولية تبدأ بتوقيع وقد تنتهي بحرب!
أ- الحاصل أن أُريد لرئيس الجمهورية مهر مرسوم فارغ وإصداره فالبناء عليه، في وقت تتربّص به القوى السياسية الميليشيوية لإستكمال حرب القنص والقضم والإستنزاف.
لبنان طلب من هيل وقف أي استخراج إسرائيلي للنفط لحين بت النزاع
ب – لكن الحاصل أيضا أن الحفرة وقع فيها من باشر في حفرها، وتحديدا من أفتى بالمرسوم الفارغ المستند الى جلسة مغيَّبة لمجلس الوزراء بتاريخ ناقص، بحجة الاستثناء الذي قيل انه سيقوم على تسوية لاحقة في حكومة منتظرة لا تزال معلّقة على حبل الرهانات الخارجية والتذاكي المحلي المشوب بعيب الكذب الموصوف، وسفرات «شم الهوا» التي بلا طائل سوى محاولة إكتساب شرعية دستورية تحتاج إلى انعقاد لقاء التأليف في قصر بعبدا، بمرسوم الرئيس وبحبره.
ج – والحاصل أيضا وأيضا أن قرار إبطال فتيل قنبلة مشروع المرسوم الفارغ إتخذ قبل وصول ديفيد هيل، بناء على إستقراء استراتيجي وعلى مصلحة وطنية خالصة، لن تشوهها تخريفات الربط بين الحدود البحرية والعقوبات.
واقع ملف الحدود يُختصر بالآتي، وبالآتي فقط دون غيره من تلك الأصناف الممجوجة من التخريفات:
1- إصدار مرسوم توسيع الحدود البحرية يحتاج الى أكبر إجماع وطني. فلبنان يواجه قضية وطنية استراتيجية كبرى توازي قرار السلم والحرب، مع كامل الإدراك بأن معظم الحروب اندلعت بسبب خلاف موضعي على الحدود.
2- ترسيم العام 2006 ألحق غبنا كبيرا نتيجة جهل من تولى التفاوض مع قبرص. لكن الجهل كرّسته الحكومات اللبنانية المتلاحقة بين 2006 و2011 إرتيابا مشروعا نتيجة رفض المتعاقبين تصحيح الخطأ رغبة في محاباة تركيا أردوغان، رغم المناشدات القبرصية الموثقة لتصحيح الخطأ اللبناني في الخط الحدودي رقم 1.
3- لم يعد أمام قبرص، في مواجهة التجاهل اللبناني الرسمي، سوى الذهاب الى تفاوض مع اسرائيل، منطلقا لبدء إستخراج غازها. فتكرّس إذذاك غبن لبنان. ومن حينه تناسل الخطأ أخطاء، والرغبة بمحاباة تركيا تآمرا على الثروة اللبنانية.
4- في العام 2013، وضع الضابط مازن بصبوص دراسة الحق اللبناني بالـ2400 كيلومتر مربع الإضافية، معتمدا على دراسة بريطانية قديمة يعوزها الإسناد العلمي والتقني. لكن قيادة الجيش لم تتبناها سوى في العام 2019.
5- في العام 2020، عشية العقوبات الأميركية، توصل لبنان وإسرائيل الى إتفاق الإطار، لتنطلق بعدها المفاوضات غير المباشرة بالوساطة الأميركية والرعاية الأممية.
6- جمّدت الـ2400 كيلومتر مربع الإضافية اجتماعات الناقورة. وتبلّغ لبنان رسميا الموقف الأميركي المستغرب للمستجد الحدودي، فردّ رسميا أيضا بأنه ينتظر طرحا مقابلا ليبني على الشيء مقتضاه التفاوضي.
7- طال انتظار الجواب الأميركي، إلى أن أُعيد محليا، بشكل مفاجئ، تحريك الكيلومترات الإضافية، ومن ثمّ إثارة ملتبسة لمرسوم تعديل الحدود، ليتبيّن سريعا أن ثمة من أراد توظيف زيارة ديفيد هيل لغاية تتخطى الحق اللبناني بالحدود الجديدة.
8- أبطلت رئاسة الجمهورية التوظيف السياسي. وكانت النتيجة في الاجتماع الرئاسي مع المسؤول الأميركي، بالاتفاق على ضرورة الاستعانة بخبراء دوليين والركون الى قانون البحار مقدمة لإستئناف التفاوض، مع طلب لبناني بوقف أي استخراج إسرائيلي من كاريش الى حين بت النزاع.