IMLebanon

هوكشتاين بين العودة والتأجيل… لا للعمل في “كاريش” من دون اتفاق مبدئي على رفع الحظر عن “توتال”!!!

التنازل عن الخط 29 واستبداله بال 23 لا يعني التخلّي عن القسم الجنوبي من “قانا”… لبنان يتمسّك به كاملاً

مضى شهر على الزيارة الأخيرة للوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود الجنوبية البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي آموس هوكشتاين، الى لبنان في 31 تموز و1 آب المنصرمين، رغم أنّه أوضح يومذاك بعد لقائه المسؤولين اللبنانيين أنّ الفترة الزمنية التي تفصل عن عودته مع جواب إلى بيروت ستكون قصيرة وضمن أسبوعين. ويبدو أنّ هوكشتاين استبدل زيارته ، كما جولاته المكوكية بين لبنان و”تلّ أبيب” هذه المرة باستكمال التفاوض عبر الإتصالات الهاتفية، وكان آخرها إتصاله المطوّل بنائب رئيس مجلس النوّاب الياس بو صعب الذي حصل في 22 آب الفائت، والذي نقل إليه خلاله الموقف “الإسرائيلي” من اقتراح لبنان الأخير والعرض “الإسرائيلي” الجديد عليه… كما جرى الحديث عن إرجاء عودته الى لبنان بشكل مبدئي الى 7 أيلول الجاري، من دون أي تأكيد رسمي لهذا الموعد حتى الساعة، فيما قد يكون هذا الأمر من باب التأجيل والتسويف.

 

كذلك لوحظ دخول الرئيس الأميركي جو بايدن بنفسه على خط الترسيم البحري ليؤكّد على أنّ “حلّ النزاع الحدودي بين لبنان و”إسرائيل” أولوية لإدارته”، معلناً أنّ “التوصّل لاتفاق ترسيم الحدود محتمل، ونحاول تضييق الخلاف بين “إسرائيل” ولبنان حول ترسيم الحدود”. فيما أعلن رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي “أنّنا مستعدّون للمفاوضات غير المباشرة، ولكن ليس لأجل غير مسمّى”، في ردّ غير مباشر على محاولات المراوغة والتسويف من قبل العدو الإسرائيلي، وإرجاء توقيع اتفاقية الترسيم مع لبنان لما بعد “الإنتخابات الإسرائيلية” العامَّة التي ستجري في الأول من تشرين الثاني المقبل.

 

وتقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة على ملف الترسيم، انّ هوكشتاين بات يملك كلّ المعطيات، ويعلم ما هو موقف لبنان من العروض “الإسرائيلية”، لا سيما بعد لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيسي المجلس نبيه برّي وحكومة تصريف الأعمال في قصر بعبدا (في 1 آب الفائت)، والذي شارك فيه بو صعب، ومدير عام الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم، وخروجه منه بجوّ تفاؤلي بسبب الموقف الموحّد الذي سمعه من المجتمعين، فضلاً عن نقله هذا الموقف الى “الإسرائيلي”، وحمله عرضاً “إسرائيلياً” جديداً ناقشه مع بو صعب عبر الهاتف. ولهذا فإنّ أي تأخير في استكمال المفاوضات غير المباشرة، أم في توقيع اتفاقية الترسيم، يتحمّل هو مسؤوليته، رغم إعلان رئيس بلاده عن “أهمية إنهاء مفاوضات الترسيم خلال الأسابيع المقبلة”.

 

وأشارت الاوساط الى أنّ الجميع يعلم بأنّ كلام بايدن من الصعب صرفه حالياً، ليس لأنّ لبنان لا يريد التوصّل الى اتفاقية ترسيم للحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، على العكس تماماً، بل لأنّ هوكشتاين يماطل إرضاء لـ “الإسرائيلي” ولمصالحه. فهذا الأخير يفضّل عدم توقيع إتفاقية الترسيم قبل “الإنتخابات الإسرائيلية” في تشرين الثاني المقبل، في الوقت الذي لا يريد فيه لبنان أن يبدأ العدو عمله في “كاريش” هذا الشهر، على ما هو مقرّر قبل الإتفاق، ولو المبدئي معه، لكيلا يضطر بجيشه ومقاومته، الى اللجوء الى المواجهة العسكرية معه لوقف عمله باستخدام القوّة.

 

فلبنان يودّ إنجاز اتفاقية الترسيم في أسرع وقت ممكن، على ما أكّدت الأوساط نفسها، على أن يواكبها قرار رفع الحظر عن “كونسورتيوم” الشركات الدولية التي تعاقد معها للتنقيب والإستخراج في البلوكين 4 و 9، لا سيما شركة “توتال” الفرنسية التي ترفض العودة للعمل في البلوكات اللبنانية من دون ضمانات أو توقيع إتفاقية بين الجانبين. كما ينوي إطلاق دورة تراخيص ثانية تشمل البلوكين 5 و8، لكي يدخل الى نادي الدول المصدّرة للنفط والغاز، وليتمكّن بعد سنوات من سدّ ديونه وتحسين وضعه الإقتصادي والمالي والمعيشي من عائدات ثروته النفطية.

 

وإذا كان ثمّة من يرى في الداخل، أنّ الأميركي لن يعطي عهد الرئيس ميشال عون مثل هذا الإنجاز في نهايته، ولهذا لن يتمّ توقيع الإتفاقية لا في أيلول الجاري ولا في تشرين الأول المقبل، تجد الاوساط أنّ مثل هذا الطرح لا يتناسب مع ما أعلنه بايدن أخيراً من خلال الحثّ على توقيع الإتفاقية خلال الأسابيع المقبلة. كما أنّ الأميركي والدول الأوروبية لا يودّان إقفال أي باب أمامهما لاستيراد الغاز والنفط منه، بل على العكس فتح الأبواب نظراً للحاجة الماسّة لهما خلال السنوات المقبلة. من هنا، لا يتمّ حالياً الربط بين عهد الرئيس عون أو سواه لتوقيع الإتفاقية، مع العلم بأنّ تحريك هذا الملف النائم منذ ما قبل الحرب اللبنانية قد جرى في عهد الرئيس عون، وقد يكون السبب الأساسي ربّما في جرّ الويلات والأزمات على هذا العهد.

 

وعن تنازل لبنان الرسمي عن الخط 29، والذي يعتبره الوفد العسكري والتقني المُفاوض باسم لبنان على طاولة الناقورة، و”جبهة الدفاع عن الخط 29″ أنّه من حقوق لبنان الطبيعية والقانونية للحصول على حصّته في المنطقة المتنازع عليها، واستبداله بالخط 23 الذي يجعل لبنان يتخلّى عن مساحة تبلغ نحو 1430 كلم2، وتُعتبر مساحة كبيرة، أوضحت الأوساط الديبلوماسية بأنّ لبنان طرح الخط 29 على طاولة الناقورة ليس بهدف الحصول على المياه أو الثروة السمكية الموجودة في هذه المساحة، إنَّما على حقل “قانا” كاملاً. ولبنان الرسمي اليوم، وإن تخلَّى عن هذا الخط في مبادرة حسن نيّة للتوصّل الى اتفاقية ترسيم مع العدو الإسرائيلي، إنَّما يتمسّك بحصوله على حقل “قانا” كاملاً من دون أي مشاركة “إسرائيلية” لا في عائداته أي في تقاسم ثروته النفطية، ولا حتى في شراء القسم الجنوبي منه من قبل “الإسرائيلي”، أو في الاستيلاء على أي جزء من بلوكاته البحرية، ما يجعل لبنان يُحافظ على حقوقه في الحقول النفطية، على الأقلّ المكتشفة حتى الآن، والمعلنة والواعدة بكميات كبيرة من الغاز والنفط.

 

وبرأي الأوساط عينها، فإنّ العودة الى تعديل المرسوم 6433 يُمكن للبنان أن يلجأ اليها في حال تعثّر التفاوض غير المباشر، لسببٍ أو لآخر. علماً بأنّ توقيع أي إتفاقية مع العدو الإسرائيلي يتطلّب تعديل لبنان لحدوده البحرية وإيداع مرسوم التعديل لدى الأمم المتحدة، وفق ما ستنصّ عليه الإتفاقية التي لم يوضع نصّها بعد، كما على “الاسرائيلي” القيام بالأمر نفسه بعد توقيع الإتفاقية.

 

ولفتت الأوساط الى أنّ المراوغة من قبل هوكشتاين و”الاسرائيلي” قد تؤجّل البتّ بمسألة صياغة وتوقيع الاتفاقية على طاولة الناقورة، الى ما بعد الإنتخابات الرئاسية في لبنان الذي يُفترض أن تحصل ضمن المهلة الدستورية التي بدأت ليل 31 آب المنصرم وتنتهي في 31 تشرين الأول المقبل، والى ما بعد انتخابات “الكنيست” التي ستجري في 1 تشرين الثاني المقبل.