Site icon IMLebanon

“شيء” لإسرائيل مقابل الخط المتعرّج

 

يترقب المسؤولون اللبنانيون أن يعود الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت قريباً، حاملاً معه العرض الذي قدمه للبنان شفهياً في 10 و11 شباط، خطياً، مع الخرائط لاقتراحه رسم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بعد أن كان غادر لبنان منشرحاً ولا سيما نتيجة لقائه الرئيس ميشال عون وفريقه وقبله، مع الذين التقاهم من محيطه إلى العشاء في منزل الوزير السابق الياس بو صعب. ولم يخف هوكشتاين انطباعه الإيجابي حيال الاستعدادات التي أبداها رئيس الجمهورية في شأن التوصل إلى اتفاق حول الترسيم.

 

فالفريق الرئاسي الذي فاوض هوكشتاين استند إلى الاطمئنان إلى أن «حزب الله» لا يعترض ولن يعترض على خيار اعتماد الخط 23 لرسم الحدود، وعلى تخلي لبنان عن الخط 29 الذي لم يكن رئيس البرلمان نبيه بري موافقاً عليه في الأصل، حين طرحه الوفد المفاوض في الناقورة آخر العام 2020. فالرئاسة تشاورت مع الحزب وحصلت على جواب إيجابي. وقد يكون ما عكسته جريدة «هآرتس» الإسرائيلية نقلاً عن هوكشتاين بأن «الأمين العام للحزب منح الحكومة اللبنانية موافقته على التقدم في المفاوضات التي تجريها مع إسرائيل، بوساطة أميركية، حول الحدود البحرية بين الدولتين»، يستند إلى ما تبلغه الموفد الأميركي من الرئاسة اللبنانية. فالاعتراض الوحيد والحاسم الذي كان لدى الحزب منذ زيارة هوكشتاين الأولى يتعلق باقتراحه الأول، رداً على طلب لبنان الحصول على كامل حقل قانا الذي تتخطى مساحته بجزء بسيط منها الخط 23 نحو المنطقة الإسرائيلية، أن تتولى الشركة المنقِّبة والمستخرِجة للغاز والنفط منه، توزيع الحصص بين لبنان وإسرائيل. وكان اعتراض الحزب والرئيس بري قاطعاً وجازماً على هذه الصيغة، التي كان وافق عليها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل حين كان ما زال وزيراً. وقيادة الحزب اعتبرت هذا المخرج نوعاً من التطبيع مع العدو، ويهدف إلى استدراج لبنان إلى فخ من غير الوارد الانزلاق إليه.

 

الموفد الأميركي حصل على موافقة الرؤساء الثلاثة على الخط 23 منذ زيارته الأولى في 19 تشرين الأول الماضي. أما الاعتراض على التخلي عن الخط 29 من قبل رئيس الوفد المفاوض السابق، فجاء لأن عون نفسه هو من كان طلب من الوفد طرحه في جلسات الناقورة، ثم تراجع عنه خصوصاً أنه كان اعتبره خطاً للتفاوض أي أنه قابل للتنازل عنه، عندما أبلغه الجانب الأميركي أكثر من مرة العام الماضي أن التمسك به يعني إنهاء المفاوضات. وهو ما دفعه إلى القول أمس إن «كل ما يقال حول التنازل عن حقوق لبنان في الحدود البحرية ليس صحيحاً لأن من يطلقونه غير ملمين بما دار خلال النقاشات، التي سوف تحفظ حقوق لبنان وثروته».

 

سواء صحت التسريبات أم لم تصح، بأن الفريق الرئاسي سعى لمقايضة إلغاء العقوبات الأميركية عن باسيل بالتراجع عن الخط 29، فإن هذا الأمر سيبقى خاضعاً لحقيقة المعطيات (وما أكثرها)، خصوصاً أن الجواب الأميركي كان أكثر من مرة، أن على باسيل أن يرفع دعوى ضد قرار وزارة الخزانة الأميركية وضعه على لائحة العقوبات وفق قانون ماغنتسكي، ففعل…

 

مع التكتم اللبناني والأميركي حول المخارج التي حملها هوكشتاين فإن هناك نقاطاً عدة بحاجة إلى التوضيح، منها ما بات معروفاً حول مخرج رسم الخط 23 متعرّجاً تلبية لطلب لبنان الحصول على حقل قانا كاملاً. وهو ما يعني أن هذا الخط سينحرف ليضم كامل مساحة حقل قانا ثم يعود مستقيماً من بعده في اتجاه عرض البحر.

 

هوكشتاين اعتبر أنه حمل إنجازاً في شأن التعرج في الخط لأن طرحه يعني أنه حصل على الموافقة الإسرائيلية عليه. لكن المعطيات تفيد بأنه خلال اجتماعه مع الرئيس بري قال إن «علينا أن نعطي شيئاً لإسرائيل في المقابل»، وحين سأله رئيس البرلمان عما يقصد، أشار إلى أنه بعد حصول لبنان على جزء من المساحة التي تقع جنوب الخط 23، يفترض أن تحصل إسرائيل على مقابل لتلك المساحة، بعد أن يستمر الخط (في اتجاه الغرب)، فرفض بري الفكرة. وحين ألح هوكشتاين سأله بري: هل هناك دولة في العالم تعطي إسرائيل أشياء أكثر مما تعطيها الولايات المتحدة؟ وعندما رد الوسيط الأميركي بالإيجاب أردف رئيس البرلمان: ومع ذلك لا تمونون عليها كي توقف خروقاتها للأجواء اللبنانية أو للانسحاب مما تبقى من أراضٍ في لبنان…

 

هوكشتاين إذا عاد يتوقع أن تكون بعض الجهات قد نجحت في تليين موقف بري من «إعطاء شيء لإسرائيل». فهل حصل على مؤشرات إيجابية حيال ذلك من الرئاسة قبل أن يلتقي بري؟