ذاهبون إلى جهنم وسندخلها قريباً كما وعدنا عون
في الوقت الذي تشهد فيه الاوضاع تدهورا سريعا على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تستمر السجالات العالية السقف بين الاطراف السياسية دون تقديم اي حلول للمشاكل التي يتخبط بها البلد في غياب اي بادرة امل لتشكيل حكومة في وقت قريب، ومع استمرار الرئيس المكلف سعد الحريري تحركه الخارجي يستمر الملف الحكومي بجموده في المربع الاول، في ظل مواصلة اطلاق المزيد من المواقف وكان اخرها لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يوم الاحد الماضي والتي لم تحمل اي جديد، بل هو كرر مواقفه السابقة التي تثير العصبيات الطائفية من خلال العودة للحديث من موضوع حقوق المسيحيين، ولكن الغريب اعتبار نفسه مؤتمن على هذه الحقوق في الوقت الذي لم يترك رأس الكنيسة المسيحية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي فرصة او عظة الا وناشد خلالها جميع المسؤولين لتقديم التنازلات ولتشكيل حكومة والنظر الى مصلحة لبنان، خصوصا بعدما تم افشال المبادرة التي كان اطلقها من اجل تقريب وجهات النظر، من هنا فإن الراعي وجد نفسه مضطرا للتوجه الى المجتمع الدولي ودعوته لضرورة عقد مؤتمر لمساعدة لبنان على تخطي المصاعب التي يمر بها، مع تشديده المستمر بضرورة التمسك بمبدأ بحياد لبنان.
حول كل هذه المستجدات وتحديدا كلام الوزير باسيل المستمر عن حقوق المسيحيين يقول الوزير والنائب السابق وعراب اتفاق الطائف بطرس حرب لـ«اللواء»: ان «ما تم الاعلان عنه في مؤتمر الطائف شكل ضمانة لتعايش العائلات الروحية جميعها، في ظل دولة قامت على مبادئ محددة وواضحة في الدستور وفي وثيقة الوفاق الوطني»، واعتبر ان كل من انتقد وخوّن واضعي الوثيقة في الماضي يحاول اليوم ان يستغل مضمونها بالرغم من انه كان لعنها، ويحاول اليوم ان يتذرّع بمقولة حقوق الطوائف المهدورة، كي يرجِّح وجهة نظره في وجه الاخرين، مشيرا الى ان هناك عملية تجاذب حاصلة في موضوع تشكيل الحكومة.
ورأى حرب ان اهم ضمانة بالنسبة لحقوق المسيحيين هي عدم وجود اجواء متشنجة طائفيا، ولفت الى اهمية المحافظة على الدولة وتطبيق دستورها وان لا يتم العمل للقضاء عليها لانه عند زوالها تهدر حقوق جميع الطوائف دون استثناء. معتبرا ان اثارة موضوع حقوق الطوائف بشكل بشع، كما يجري حاليا، لا يفيد بل يؤدي الى تأجيج المزيد من الصراعات الطائفية في البلد وتدميره، مشددا على ان ذلك وسيلة للاختباء والتستر عن عجزهم وحجة لتبرير مواقفهم.
حزب الله يضع يده على الحياة السياسية
وعن امكانية انعقاد مؤتمر دولي بناء لمطلب البطريرك الماروني اعتبر حرب ان «حزب الله» يضع يده على الحياة السياسية في لبنان وهو اقحمه في صراعات المنطقة، ونزع عنه وجهه وواقعه الحيادي كدولة تضمن هذا المجتمع المتنوع والتعددي، خصوصا ان اساس وجوده هو الحياد اي انه قام على قاعدة لا مع الغرب ولا مع الشرق، مشيرا الى ان ما يدعو اليه البطريرك الراعي هو تطبيق هذا المبدأ الذي قام عليه لبنان، وبان لا يكون طرفًا في الصراعات الاقليمية وبأن يقف على مسافة متساوية من جميع الاطراف المتنازعة، واكد حرب على ان دعوة البطريرك جدّية وصادقه بعد ما عجز عن انجاح كل المبادرات التي اطلقها، مشيرا الى ان موقف الراعي يعبر عن موقف الاكثرية الساحقة من اللبنانيين.
الوطني الحر يفشل مبادرة الراعي للهيمنة على القرارات
واشار النائب السابق الى ان الذين يرفضون المبادرة علنا او ضمنا يقومون بإفشالها، وتحديدا التيار الوطني الحر لانهم يريدون الاستمرار في الهيمنة على القرارات، كما ان حالة الفلتان القائمة في البلد تصب في مصلحتهم، ويعتبرون ان اي دعوة لتدخل المجتمع الدولي لمساعدتنا على ايجاد حل للازمة اللبنانية هي دعوة لاسقاط هيمنتهم على القرار الوطني وعلى قدرتهم على جرّ لبنان الى صراعاتهم ووضع حد لحالتهم غير الشرعية في لبنان على حساب الشرعية، ويلفت حرب الى ان هذا الامر يذكرنا بالموقف السوري في زمن الاحتلال الذي كان يرفض تدويل القضية اللبنانية وحتى تعريبها، لهذا فإن ما يحصل حاليا مرحلة عاشها لبنان سابقا، ويتم ترجمتها حاليا من خلال «حزب الله» وايران، وبطبيعة الحال مع موافقة الرئيس عون وتياره.
ويؤكد حرب ان عقد مؤتمر دولي تعترضه صعوبات، مشددا على انه علينا ان نختار اما ان ننهي لبنان، او ان نبذل كل الجهود لاحتضان الواقع اللبناني ولايجاد الحلول لازماتنا، مشددا على ضرورة ان يكون هناك استعداد وانفتاح من قبل جميع الافرقاء للاستماع الى الطروحات التي يمكنها تقديم الحلول للمشاكل التي نعاني منها حاليا.
توجهنا هو حياد لبنان
ويرى حرب ان الطرح الجدي والمبادرة الوحيدة والعملية هي المواقف التي يعلنها البطريرك الماروني والتي تعبر عن توجهنا بالنسبة الى حياد لبنان وهذا طرح قديم بالنسبة لنا، ومعتبرا ان التدويل يعني الطلب من المجتمع الدولي تقديم المساعدة الى لبنان.
ويقول «المطلوب هو الاعتراف بعجزنا عن ايجاد الحلول للمشاكل في لبنان، بسبب تقصير بعض المسؤولين لدينا، والاحزاب السياسية المتصارعة، وعدم قدرتها على انقاذ البلد واعادة بناء الدولة».
نحن لا نعمل
على مساعدة انفسنا
ولفت الى ان المجتمع الدولي عندما يرى ان الوضع في لبنان قد يهدد السلم والامن في المنطقة سيكون لديه صلاحية التدخل وليس بالضرورة التدخل تحت الفصل السابع من اجل عرض مساعدته على اللبنانيين، ويرى حرب انه اذا استمرت الاطراف المتنازعة في لبنان على مواقفها لن تسمح للمجتمع الدولي بالتدخل حتى ولو خرب البلد، لا يمكن وضع اللوم على الاصدقاء بعدم مساعدتنا ونحن لا نعمل على مساعدة انفسنا.
ويبدي حرب تخوفه من استمرار الاوضاع بالانهيار الى ما بعد انتهاء عهد الرئيس عون، داعيا الافرقاء المعنيين لوقف السجالات وتقديم الحلول الانقاذية، لان هناك امكانية لعودة الانفجار الوضع الامني مجددا، والعودة الى حالة شبيهة بالحالة التي مر بها لبنان في الماضي.
على الاطراف اللبنانية الاقتناع ببناء الدولة
وحول امكانية لجوء البطريرك الراعي الى الفاتيكان لمساعدة لبنان او الى اي دولة اخرى يقول حرب «كل الاحتمالات مفتوحة وواردة، ولكن افضل احتمال هو ان تقتنع الاطراف اللبنانية ببناء الدولة وتنفيذ مضمون وثيقة الوفاق الوطني التي يتم خرقها».
ويتوقع حرب ان تذهب الامور الى المزيد من الخراب، في حال الاستمرار بالتفرج دون فعل اي شيء، خصوصا اننا ذاهبون الى جهنم كما قال الرئيس عون وسندخلها قريبا كما وعدنا.
لا احد يمنع باسيل من القيام بالاصلاحات
ويعتبر حرب ان مبادرة باسيل حول المشاريع الاصلاحية يمكن ان يسير بها بالمشاركة مع الرئيس الحريري والرئيس نبيه بري و«حزب الله» ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ولا احد يمنعه من ذلك الّا انني اعتبرها مناورة مكشوفة لتبرير عرقلة تشكيل الحكومة.
ويختم قائلا: «ما يقضي على حقوق المسيحيين هم بعض الأجراء السياسيين المسيحيين بالذات، من خلال ممارساتهم الخرقاء والسيئة والمبنية على عدم المعرفة والثقافة والرغبة بتحقيق المصلحة العامة، لاصطدامها بمصالحهم الخاصة فهؤلاء هم الذين يهددون مصالح المسيحيين».