IMLebanon

عنق الزجاجة

 

بعد الانفراج الذي حصل في الأسبوع الماضي على صعيد الأزمة الحكومية العالقة على شباك الحصص منذ خمسة أشهر ونيف نتيجة التنازلات المرة التي قدمها رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، عادت الأزمة مجدداً إلى عنق الزجاجة، نتيجة تمسك حزب الله بإشراك سنّة 8 آذار في الحكومة العتيدة، ورفض الرئيس المكلف سعد الحريري أن يكون هذا التوزير على حساب حصته، وحتى الساعة لم تتوضح الأسباب التي جعلت حزب الله يتمسك بهذا التوزير بعدما كان في مقدمة الداعين إلى الإسراع في تشكيل الحكومة لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام عمّا إذا كان هناك يد خارجية تدخلت لإبقاء الأزمة الوزارية تراوح مكانها بناء على حساباتها الخاصة المتعلقة بالصراع الذي لا يزال دائراً في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما على صعيد مستقبل الأوضاع في سوريا، وتوكيل حزب الله تنفيذ هذه الوظيفة، أم انها محض داخلية تتعلق أيضاً بحسابات الحزب بوصفه لاعباً سياسياً في هذا الصراع الدائر في الإقليم، وتقتضي مصلحة الإبقاء على الأزمة الحكومية في لبنان ورقة تستخدمها لمصلحته في اللعبة الدائرة حالياً بين الأطراف الدولية على تقاسم النفوذ في سوريا، وغيرها في الإقليم، الا إذا كان هناك قطبة لا تزال مخفية بين حزب الله والتيار الوطني الحر تقضي بتوزيع الأدوار بينهما للوصول في نهاية المطاف الاستئثار بأكثرية الثلثين في الحكومة العتيدة، والتحكم فيما بعد بكل القرارات والمشاريع التي تصدر عنها الأمر الذي دفع الرئيس المكلف إلى اتخاذ موقف حاسم من طرح الحزب الجديد، ودعوته الصريحة إلى ان يعطي سنّة 8 آذار وزيراً من حصته وليس من حصة تيّار المستقبل التي لن يتنازل عنها تحت أي ظرف، ولو أدى بالرئيس الحريري إلى الاعتذار عن التكليف وفتح الباب أمام أزمة حكومية مفتوحة إلى ما شاء الله، وإلى ان يقتنع حزب الله بأنه لا يستطيع أن يحكم وحده هذا البلد ولأنه محكوم بالتوافق وبالتوازن.

الخطير في الأمر ان الأزمة الحكومية، عادت من جديد إلى عنق الزجاجة، وليس من السهل اخراجها منها في وقت قريب، إذا ما تأكد للرئيس المكلف بأن هناك تبادل أدوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر، وان القصر الرئاسي ليس بعيداً عن هذه اللعبة الجهنمية التي تطيح بالتسوية الرئاسية التي كان من نتائجها التوافق على أن يترأس الحريري حكومة وفاق وطني متوازنة لا تشكّل انتصاراً لفريق على فريق آخر ولا يكون فيه لا غالب ولا مغلوب، الا ان الصورة تغيرت بعدما أعلن رئيس الجمهورية انه لا يعترف بوجود كتلة نيابية سنيّة مشكلة كما يدعى حزب الله، وان النواب الستة الذين يدعون ذلك هم أعضاء في كتل نيابية أخری، وأصبح حزب الله هو المسؤول عن هذا الوضع الذي آلت إليه الأمور، وبات يتعين عليه ان يكشف عن أوراقه ويقول الأمور على حقيقتها، لا أن يتغطى بكتلة نيابية ليست موجودة بشهادة رئيس البلاد.