IMLebanon

حرب لـ«اللواء»: لهذه الأسباب الفيدرالية تعقد مشكلات النظام ولا تحلّها

 

«السلاح رافعة الطروحات التقسيمية والمطامع السلطوية سلّمت الدولة للدويلة»

 

في الذكرى المئوية الاولى لقيام دولة لبنان الكبير، وفي ظل أزمة اقتصادية – مالية – اجتماعية غير مسبوقة، برزت في الأيام الماضية مجددا مواقف تتحدث عن الفيدرالية كحلّ للأزمات المتولدة من رحم التركيبة القائمة، مما يعيد لدى البعض المطالبة بطرح موضوع تعديل اتفاق الطائف والدستور برمته، ولكن قبل الحديث عن كل هذه الأمور على اللبنانيين استذكار المرحلة التي أقرّ فيها اتفاق الطائف الذي أرسى دعائم الاستقرار والامن في البلاد بعد مرحلة اقتتال بين الطوائف والمذاهب اللبنانية.

 

وللاطلاع على مرحلة اقرار الاتفاق الذي سميّ على اسم المدينة التي اجتمع بها قادة لبنان، وهي الطائف في المملكة العربية السعودية سألت «اللواء» أحد المشاركين بوضع الاتفاق الوزير والنائب السابق بطرس حرب عن سبب اثارة موضوع الفيدرالية في ظل وجود اتفاق الطائف، فاعتبر ان «السبب الرئيسي لطرح الموضوع هو عملية استمرار سيطرة فئة مسلحة سياسية على فئة سياسية»، مشيرا الى ان «هناك سبب آخر رئيسي وهو فشل الحكومات المتعاقبة في معالجة الوضع الاقتصادي، وقيام دولة المؤسسات والقانون، مما يعني ان هناك من يسعى لادارة شؤونه المحلية»، لافتا الى ان «طرح القضية يتراوح بين موضوع الفيدرالية في مقابل فئة تطرح اللامركزية الإدارية، كما ان هناك من يذهب الى أبعد من ذلك من خلال طرح فكرة اللامركزية الإدارية والإنمائية، باعتبار ان هناك من يعتبر نفسه بانه يقوم بواجباته للدولة من خلال دفع الضرائب بينما غيره لا يدفعها، ورغم ذلك فهناك مساواة في ما بينهم بحيث يستفيد من لا يدفع الضرائب على حساب من يدفع».

 

طرح الفيدرالية خطير جدا

 

ويرى حرب ان «طرح الفيدرالية خطير جدا، بحيث يصل الى مرحلة تذكرنا بالاحداث الماضية، والطروحات التقسيمية التي كانت موجودة في السابق»، ولفت الى انه «لو كان هذا الطرح يحل المشاكل التي نشكو منها، لكانت هناك امكانية لنقاش الموضوع بشكل عام»، ويؤكد ان «هذا الطرح يعقد الامور في لبنان مع استمرار الخلافات بين القوى السياسية، خصوصا اننا نختلف في السياسات الخارجية والدفاعية والمالية، لذلك فإن اي طرح فيدرالي لا يمكن ان يحل المشكلة، لان سياسة الدولة المالية والخارجية والدفاعية ستبقى واحدة».

 

«انتقائية تنفيذ الطائف شوّهته.. ولا يمكن مناقشة تطوير النظام في ظل اختلال موازيين القوى، وأيّ مغامرة قد تُعيد إنتاج الحرب»

 

وشدد حرب على ان «اتفاق الطائف هو عبارة عن صيغة للعيش المشترك بين اللبنانيين دون قيام حروب فيما بين الطوائف والمذاهب»، مشيرا الى انه «كان هناك مطالبة قديمة لدى قسم من المسلمين بالمشاركة في السلطة، لا سيما ان الاطراف اللبنانية لم تبحث بتفاصيل النظام الموروث من الفرنسيين على اثر الانتداب وكيفية حكم لبنان بعد انتهائه مما أورثنا مشكلة، تحولت لاحقاً الى ازمة، دفعت المسلم اللبناني لاعتبار ان حقوقه غير محفوظة، مطالبا بأخذ هذه الحقوق والمحافظة عليها، وهذا الامر عرّض اللبنانيين لمشاكل عدة كان بالامكان الاستغناء عنها لو تمت معالجتها بالماضي بروية من دون اللجوء الى السلاح والحرب وخراب البلد، وهذا الامر لم يتم الاتفاق عليه في العام 1943، باعتبار أن الأولوية كانت حينها التخلص من الانتداب والحصول على الاستقلال، ولكن بعد خلط الاوراق في سياسات المنطقة وطموح بعض الدول العربية بلبنان وانعكاس القضية الفلسطينية عليه تعاظمت المشاكل، وانقسم الشعب اللبناني حول من هو مع الفلسطينيين، ومن مع القومية العربية، ومن يخاف منها ومن الوحدة العربية، وتطورت الامور مما جعلها تنفجر ودفعنا ثمن ذلك غاليا».

 

بنود الطائف نفذت بشكل انتقائي

 

وأسف حرب الى ان «بنود اتفاق الطائف لم يتم تنفيذها كاملة»، مشيرا الى انه «مهما كانت اهمية أي اتفاق ومميزاته فلا يمكن ان يبني دولة، اذا لم يكن هناك التزام بمضمونه واحترام للقوانين»، وأكد أن «ما جرى هو تطبيق البنود بشكل انتقائي، دون ان يكون هناك طرح جدي لاحترام ما تم الاتفاق عليه والالتزام بتطبيق الدستور». ويقول حرب انه «في عهد الحكم السوري على لبنان تم تشويه هذا الاتفاق من خلال رفض تطبيق ما لم يعجبهم منه، وبعد خروج السوري وبسبب السلاح غير الشرعي كانت بعض القوى السياسية اللبنانية تبحث عن تأمين مصالحها الخاصة، على حساب البلد، لذلك لم يتم بناء الدولة ولم يطبق الاتفاق، لذلك لا يمكن لاحد ان يقول اذا كان هذا الاتفاق جيد او غير جيد»، ويضيف حرب: «أنا، كأحد واضعي هذا الاتفاق، أؤكد ان اتفاق الطائف ليس الاتفاق المثالي، ولكنه هو الذي كان يمكن ان يخرج لبنان من عملية الاقتتال والدمار وهو افضل الممكن وقتها».

 

لا لمغامرات تدمر لبنان

 

وحول ما يعمم حول خارطة ديموغرافية جديدة للبنان، يعتبر حرب أنه «لا يجوز طرح هذه الفكرة لانه في حال لا سمح الله تم طرحها ونقاشها والسير فيها، سيدخل لبنان في حرب جديدة»، داعيا الحكماء لبحث الموضوع بشكل علمي «دون القفز في مغامرات جديدة تؤدي الى تدمير البلد».

 

وشدد حرب على وجوب «الاتكال على أنفسنا واتخاذ قراراتنا لما فيه مصلحتنا»، مشيرا الى انه «علينا القيام بما يحفظ البلد والعيش بكرامة في دولة قانون لان كل ما تم عمله هو كان لتدمير الدولة من خلال اقامة المزارع ضمنها ووضع اليد والسيطرة وممارسة النفوذ على حساب الشعب والاموال العمومية».

 

حركة 17 تشرين تحتاج مشروعاً

 

وطالب حرب اللبنانيين وعي مسألة «اختيار أي دولة يريدون.. وليتحملوا مسؤولياتهم»، معتبرا ان «ما حصل في 17 تشرين الاول هو بداية هذا الامر»، وقال: «المهم ألا يدخل المندسون على انتفاضة الشعب من أجل تعطيلها، وأهم من كل هذا ان على القائمين عليها وعي خطورة التشرذم، وضرورة امتلاك المشروع مشترك لخوض المعركة السياسية الاصلاحية على اساسه، ولكي يكتب لهذه الحركة النجاح والانتصار على القوى السياسية التي خربت البلد».

 

لا يمكن ان نكمل بدولتين

 

واعتبر حرب انه «يوم توقف البحث في موضوع الاستراتيجية الدفاعية كان هناك قرار بدفن البلد»، مشددا على انه «لا يمكن ان نكمل بدولتين دولة شرعية ودويلة تفرض رأيها على الدولة الشرعية»، مشيرا الى ان «الاخطر وهو بمثابة جريمة بحق لبنان هو ان هناك من يعتبر ان الدولة تحتاج الى الدويلة لكي تحميها في وجه اعدائها، وتم تشريع السلاح غير الشرعي على حساب المؤسسات والقانون والدستور»، محملا المسؤولية «لمن اتبع هذه السياسة في سبيل وصوله الى مراكز السلطة، ووضع امكانيات القوى المسلحة غير الشرعية لاستخدامها في اللعبة السياسية الداخلية، لكي يضع يده على السلطة».

 

ولمناسبة المئوية الاولى لقيام دولة لبنان الكبير تمنى حرب على اللبنانيين «اتخاذ القرار الصادق والجريء والاختيار بين دفن البلد أو إعادة إعماره»، معتبرا انه «اذا استمر الوضع على ما هو عليه اليوم يعني اننا ذاهبون لدفن لبنان، وإذا تضافرت وصدقت النوايا بإعادة بناء الدولة يمكن ان نقول انه مع مرور100 عام هناك امكانية لان يعيش لبنان ويستمر ويبقى».