مع استمرار ابقاء جميع ابواب تشكيل الحكومة موصدة في وجه اي بارقة امل للوصول الى حل للملف، يبقى موضوع التدقيق الجنائي محور اخذ ورد لا سيما بعد الكلام الذي اطلقه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والذي اكد فيه ان «لا تدقيق جنائيا قبل تأليف الحكومة»مشيرا الى ان» جدية طرح التدقيق هي بشموليته المتوازية لا بانتقائية مقصودة»، مما دفع البعض لاطلاق الاتهامات لراس الكنيسة المارونية وتفسير مواقفه في غير محلها، خصوصا انه اتى بعد اعتبار رئيس الجمهورية ميشال عون «ان هناك مماطلة في اجراء التدقيق الجنائي لمعرفة اسباب الازمة المالية في لبنان»، وهو اشار ايضا لى «ان سقوط التدقيق يعني ضرب المبادرة الفرنسية وبالتالي فان لا مساعدات ولا مؤتمر سيدر ولا دعم عربي ولا خليجي ولا صندوق نقد.»
وحول هذا الموضوع سألت «اللواء» الوزير والنائب السابق بطرس حرب عن رأيه في الموضوع فقال»البطريرك الراعي خير ما يفسر ما يقوله، ومن الطبيعي ان التدقيق الجنائي هو تفصيل مهم اذا تمت مقارنته في القضية الاهم وهي تشكيل الحكومة، اي تكوين سلطة لتدير البلد وتدير بدورها ملف التدقيق الجنائي و تتابع تنفيذه.
ويعتبر حرب ان موقف بطريرك الموارنة صادق في طروحاته، لا سيما بالنسبة الى التدقيق الجنائي وان محاولة الاجتهاد وتوظيف الامر بطريقة التي تم فيه توظيفه هو امر غير صحيح، لان البطريرك الراعي هو اول من طالب بالامر ومتمسك فيه، ولكنه اراد تذكير المسؤولين بضرورة تشكيل حكومة لانقاذ البلد وادارة ملف التدقيق الجنائي وكشف الفساد والفاسدين هذا امر طبيعي، مشيرا الى ان موقفه لا يتعارض مع مواقفه السابقة وكل كلام غير ذلك او محاولة تفسير وتعطيل هي لتشويه موقفه ومحاولة من قبل بعض المنزعجين من كلامه الواضح والصريح حول الحياد والسيادة واعادة بناء الدولة، لذلك وبحسب حرب هم يبحثون عن وسيلة للاطاحة بمصداقية البطريرك الماروني ، وهذا الامر مرفوض لانه حريص جدا على اجراء التدقيق الجنائي وكشف ومحاسبة الفاسدين.
لا يجب ان يكون التدقيق الجنائي محصور في المرحلة الحالية
وشرح النائب السابق كيفية القيام بالتدقيق الجنائي مشيرا الى ان ذلك يعني تكليف شركة لتدقيق الحسابات بالقيام بذلك، دون ان يكون لديها اي صلاحيات للمحاسبة بإعتبار ان القضاء هو المخول بمحاسبة المسؤولين بناءً على التقرير الذي ترفعه شركة التدقيق .
ولفت حرب الى ان موضوع التدقيق الجنائي ليس مجرد شعارات يتم اطلاقها، متمنيا ان لا يكون التدقيق محصور في المرحلة الحالية فقط، مشيرا الى ضرورة ان يطال التدقيق كل المراحل السابقة التي مارس فيها جميع المسؤولين الذين تولوا على السلطة وقاموا بالاعتداء على الاموال العمومية محاسبة كل المرتكبين بما فيهم المطالبين بالتدقيق.
وشدد حرب على ان تشكيل حكومة هو امر ضروري لمتابعة اعمال التحقيق، لافتا الى ان لا نفع من عملية التدقيق في حال عدم وجود حكومة تتابع الموضوع وتمد الشركة المدققة بالمعلومات المطلوبة.
ورأى ان اقرار المجلس النيابي رفع السرية المصرفية عن كل الحسابات الموجودة في مصرف لبنان والتدقيق المالي سيسمح بانطلاق هذه العملية وتنفيذ توصيات التحقيق يتم من خلال ادعاء الدولة اللبنانية وقيام القضاء بممارسة صلاحياته من خلال محاسبة كل مسؤول يدان.
المطالبة بتفعيل الحكومة محاولة للتهرب من واجب التشكيل
وحول مطالبة البعض بتفعيل عمل الحكومة وعقد جلسات لمجلس الوزراء يؤكد حرب ان المطالبة بتفعيل عمل حكومة تصريف الاعمال هي محاولة للتهرب من واجب تشكيل الحكومة، معتبرا ان الواجب الاساسي هو تشكيل الحكومة اي تكوين السلطة لكي تمارس صلاحياتها في ضبط امور البلد ، لافتا الى ان كل عملية تعطيل لتشكيل السلطة هي محاولة تهرب وتحويل نتائج التدقيق الجنائي بالاتجاه الذي يرغب فيه البعض لكي يُظهر ارتكبات الاخرين ويخفي ارتكباته.
ويشير الى ان رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ليس في موقع ان يسمح لنفسه بالاعتداء على الدستور ومخالفة احكامه والمساهمة في تأخير عملية تشكيل الحكومة، وهو مشكور على موقفه برفضه تفعيل الحكومة وعقد جلسات لمجلس الوزراء، ولكن في الوقت ذاته ليس لديه رغبة ايضا في الاستمرار بتحمل مسؤولية كل ما يجري في هذه الظروف الصعبة.
المطلوب ان يشمل التدقيق كل القطاعات ويطال كل المسؤولين
واستغرب كيف يتم التركيز على شعار التدقيق الجنائي فقط، بينما يعاني الشعب اللبناني من الجوع والعوز ووضع اقتصادي واجتماعي صعب جدا، متسائلا لماذا المطالبة بالتدقيق الجنائي في مصرف لبنان فقط بينما المطلوب ان يشمل التدقيق كل القطاعات والوزارات وكل المسؤولين منذ انعقاد اتفاق الطائف وحتى اليوم.
ورأى انه في حال الاستمرار المسؤولين في مراكزهم يمسكون السلطة فلا امكانية للوصول الى اي حل ولا ان تظهر اي حقيقة، معتبرا انه اذا كان الرئيس صالحا عليه فتح المجال بعد انتهاء الولاية لجدية البحث عن الحقيقة، ويمكن عندها الوصول الى الحقيقة.
وحول موضوع العقوبات الاوروبية التي يتم الحديث عنها والتي ستشمل بعض المسؤولين يقول حرب :» علينا الانتظار لمعرفة طبيعتها واسبابها وتبريراتها ومن ستشمل.»
وعن التحركات الخارجية باتجاه لبنان يرى انها تأتي ضمن اهتمام دولي بالوضع اللبناني مساعدة البلد وشعبه من اجل الخروج من المأزق الذي سببه بعض المسؤولون فيه والتأكيد على غيابهم من خلال تحميلهم مسؤولية انهيار لبنان.
وردا على سؤال اعتبر حرب ان اللقاء الذي سيجمع البابا فرنسيس مع الرئيس المكلف سعد الحريري في الفاتيكان سيكون ايجابيا بالطبع وهو امر معنوي، وهو مناسبة ليشرح الرئيس المكلف وجهة نظره للبابا فرنسيس.
تحركات الحريري الخارجية تصب ضمن ملء عملية الفراغ
ويعتبر حرب ان كل تحركات الحريري الخارجية تصب ضمن ملء عملية الفراغ الحاصل والناتج عن تربص المسؤولين عن تشكيل الحكومة على مواقفهم، ويرى ان حصر مسؤولية التأليف الحكومة بفريق ضد الاخر هو امر غير موضوعي وغير جدي، ويلفت الى ان الجميع يتحمل المسؤولية لايجاد الحل ، ويقول «لا اعفي احد من المسؤولية ولدى رئيس الجمهورية الذي يتمسك بابقاء الثلث المعطل في يد فريقه الشخصي مسؤولية كبرى وعدم ايجاد المخارج والتعاون بينه وبين رئيس الحكومة المكلف هو احد اسباب المشكلة».
وعن المساعدات التي يقدمها حزب الله لجمهوره من خلال فتح بعض المحال الغذائية الكبرى يعتبر حرب ان الامر هو ترجمة لما قاله الامين العام للحزب حسن نصر الله بان ليس لديهم مشكلة وما يحصل للمجتمع اللبناني ليس من مسؤوليتهم، لان بيئتهم ومجتمعهم محمي بالمساعدات الايرانية والاموال الناتجة عن عمليات التهريب والصفقات التي تبرم ،اما بقية الشعب اللبناني الذي يعاني الامرين عليه الانتظار والصمود بإنتظار ان تاتي الظروف ويتم حل الازمة، في الوقت الذي يعطي بعض المسؤولين ابشع صورة عن لبنان للخارج بعد ان جعلوه دولة فاشلة وموضع انتقاد.