IMLebanon

بطرس حرب: «المشيخة» أهمّ من «المعالي»

في البترون، «المشيخة أهم من المعالي». هذا ما يؤكده أنصار وزير الاتصالات بطرس حرب. ينفي هؤلاء استغلال الوزير حقيبته للتوظيف السياسي، لأن «ما يشغله هو المصلحة العامة»، فيما يقرّ حلفاؤه بوجود انزعاج من غياب المشاريع الكبرى عن المنطقة التي تمثّل عبر وزيرين في الحكومة: حرب وجبران باسيل

بعيداً عن الـ3G والـ4G وغيرها من تقنيات الاتصال الحديثة، يبقى وزير الاتصالات بطرس حرب، بالمفهوم اللبناني للسياسي وعمله، نائباً خدماتياً من الجيل الأول! في مكتبه الخدماتي، في مدينة البترون، طلبات من نوع: طلب وظيفة، تحسين وضع في العمل، تخليص معاملة عالقة في الدوائر الرسمية، حتى إن بعضهم «يرفض أن يشفى قبل أن يتصل به الشيخ مطمئناً الى صحته»، على ما يقول اسطفان حرب، أحد مسؤولي المكتب الذي يديره أنطون حرب، شقيق الوزير.

يجلس اسطفان حرب خلف مكتب تكدّست فوقه «طلبات المواطنين». هنا، تقدّم القهوة في فناجين زجاجية أو بلاستيكية، بحسب «أهمية» الضيف. يقول: «منذ عام 1989 لم يتغير عمل الشيخ بطرس، سواء كان نائباً أو وزيراً، والمكتب والمنزل في جاهزية دائمة لاستقبال الناس». أما الإضافة التي تمنحه إياها الوزارة فهي «ارتفاع عدد الخدمات التي يمكنه تقديمها». الطلبات، في شكل أساسي، «تتعلق بأمور تختص بأمور الحياة اليومية للناس. بعضها يمكننا حله هنا في المكتب، وما يعصى علينا نحوّله الى مكتب بيروت ليبتّه الوزير شخصياً». ويلفت الى «الشق الاجتماعي» الذي يتولاه المكتب: «فبعيداً عن الخدمات، يحبّ الناخبون أن يكون السياسي قريباً منهم ويطمئن على أحوالهم، بصرف النظر عمّا إذا ما كان قادراً على تلبية طلباتهم. وبسبب الوضع الأمني الصعب وضغط العمل نتولى نحن القيام بهذه الزيارات والواجبات».

ينفي شقيق الوزير أي استنسابية في تقديم الخدمات، ويقول: «نحن لا نغري أحداً ولا نفرض شيئاً على أحد. من يرد أن يذهب الى ميشال عون لا يمكننا أن نجبره على ألا يفعل». يؤكّد: «نعمل للمصلحة العامة، أما المصلحة الخاصة، فمن نتمكن من مساعدته لا نقصّر، خصوصاً أننا، بعد أربعين سنة، نسجنا علاقات جيدة في كل الدوائر». ولكن ماذا عن خدمات «حشو» الموظفين من أجل شراء ولائهم السياسي؟

ينفي اسطفان حرب الاتهامات بالتوظيفات العشوائية، لأن «في الوزارة تخمة… برغي مش قادر يركّب»، أما من وُظّفوا منذ تسلم حرب حقيبة الاتصالات فـ«بناء على عقود عمل بمهل محددة». ويشير الى أنه في «سنترال البترون هناك حاجة الى توظيف عشرين تقنيا تقريباً. لكننا لم نوظّف الا خمسة، إضافة الى 4 إداريين (…) الدنيا ناقمة علينا لأن الوزير لا يوظّف». كلمة «النقمة» تتكرر على لسان أحد مستشاري الوزير «بسبب قلة خدمات التوظيف، ولأنه يُصرّ على عدم مخالفة القانون»! ولكن رغم هذه «النقمة»، يصرّ اسطفان حرب على «أننا الرقم واحد على صعيد الخدمات في البترون، باستثناء تركيب لمبات المياه الساخنة»، غامزاً من قناة الوزير البتروني الآخر جبران باسيل.

خصوم حرب: باسيل سبقه بأشواط في المشاريع الكبرى

يقول وزير الاتصالات لـ«الأخبار» إنه بعد تسلمه الوزارة «أصبحت موضع مراجعة أكثر لدى الناس الذين يعتقدون بأن عمل الوزير الرئيسي هو التوظيف. إذا كانت هناك إمكانية فنحن لا نقصّر، ولكن هناك أموراً أخرى تشغلنا. وهم يدركون أنني أقوم بجهدي ولا أكذب عليهم».

وعمّا قيل عن «ضغوط» مارسها لإقالة المدير التجاري السابق لشركة «أم تي سي» بسبب عدم «تعاونه» مع حرب في توظيف عددٍ من أنصاره، وتهديده بفسخ العقد مع الشركة، يقول وزير الاتصالات: «إذا حدا بدو يتسلى مش عا حسابي»، مؤكداً أن لا علاقة له بهذا الموضوع، ومشيراً الى أن باسيل يعمل لمصلحة شركة «زين»، وأن «ما حصل أنني شكوت لدى تسلمي الوزاة من وضع الاتصالات، وقرّرت الشركة تعيين فريق جديد».

مسؤول قواتي في البترون يقرّ بوجود نقمة بين البترونيين، و»لكن بسبب غياب الخدمات الكبيرة والمشاريع على مستوى المنطقة، وهذا ما تحدث عنه النائب أنطوان زهرا في جلسة التمديد للمجلس النيابي حين استأذن الشيخ بطرس، وشكا من ظلم لاحق بالمنطقة». أما على مستوى الخدمات الصغيرة، «فالوزير حرب وريث عائلة ومُحنك في عمله»، و«التواصل مباشر مع معاليه، لأن الشيخ بطرس لا يُردّ له طلب».

أما خصوم حرب، فيلجأون الى المقارنة بينه وبين الوزير باسيل. على صعيد الخدمات، «توقعنا منه أداءً أفضل، ولكننا فوجئنا بقلة نشاطه»، نافين أن يكون «الرقم واحد خدماتياً. باسيل سبقه بأشواط في مشاريع حفر الآبار، وشبكات المياه، والسدود».

الردّ في مكتب حرب الخدماتي على هذه الاتهامات «تحت الحزام». يقول اسطفان الدويهي: «من يلتقِ بالشيخ يُغرم به، أما من يزر باسيل فيأخذ عنه نظرة سلبية». بثقة، يضيف: «نحن لسنا جدداً. جبران هو الجديد في السياسة. نفوذ الشيخ لا يزال كما هو في دوائر الدولة. حين يتصل يقولون أهلا بالشيخ بطرس وليس بمعالي الوزير. وهذا أهم».

في يد عبد المنعم

يقول مدير في إحدى شركات الخلوي إن فريق عمل بطرس حرب «لم يتمكن بعد من ملفات وزارته». فالإدارة، عملياً، «في يد عبد المنعم يوسف ورئيس هيئة مالكي شبكتي الخلوي جيلبير نجار». خلال توليه الوزارة، أقال نقولا الصحناوي نجار من رئاسة الهيئة فأصبح عضواً فيها، وعيّن أنطوان الحايك رئيساً. لكن حرب أعاده الى منصبه وأوكل اليه مهمة «اتفاق مع الصحناوي ينص على الحفاظ على وظائف قرابة مئة موظف مقربين من التيار الوطني الحر مقابل عدم تناول ملف وزارة الاتصالات إعلامياً من قبل الصحناوي أو فريق عمله». يصف المدير وضع الوزارة بـ«السيّئ، والخدمات في تراجع دائم». أحد مستشاري الوزير ينفي، مؤكداً أن «الوزارة جيدة، ونحن حالياً في صدد وضع خطة لتحسين خدمة الجيل الثالث».

المدير في شركة الخلوي يرى أن «من أكثر الأمور التي تهم حرب تركيب محطات إرسال في قضاء البترون ببدلات خيالية تصل الى 15 ألف دولار. يريد لمناصريه أن يستفيدوا»، فيما ينفي المستشار، ويقترح: «إذا أردتم نتوجه معاً الى منطقة البترون وسترون كم مرة ينقطع فيها الإرسال على الطريق الى تنورين. الوزير حريص على عدم الفلتان في هذا الخصوص».