Site icon IMLebanon

أطباء، جامعيون، مهندسون…: تنزيلات هامة

 

استلمتُ قبل أيام، من جهة جامعية لا أعرفها، رسالة شخصية تقترح فيها “فرص العمل” الجامعي المتاحة، هنا وهناك، ضمن اختصاصاتي المهنية.

 

هذه الرسالة استوقفتني، مع أنني كنت استلم منذ سنوات وسنوات رسائل أخرى لفرص العمل الجامعي المتاحة، من دون أن أبالي بها.

 

استوقفتني، إذ إنها جديدة، وتواكب تدهورَ احوالِ النخب في البلد.

 

كما أصبحتُ أسمع على شاشات التلفزيون المحلية، أو أقرأ في اخبار وتحقيقات، عن مثل هذه الدعوات التي تقضي باستقدام كفاءات لبنانية للعمل خارج لبنان: جامعيون، اطباء، مصرفيون، مهندسون، ممرضات وممرضون وغيرها من المهن ذات الكفاءة لدى اللبنانيين.

 

كانوا يتحدثون، في ما مضى، عن “هجرة الأدمغة”، والآن قد يصح الحديث عن: بلد… قيد التصفية.

 

هذه ليست خطة مبرمجة لتفريغ البلد من نُخبه، إلا بالقدر الذي جعلت السلطة الحاكمة من مقدرات البلد سوقاً لتفليسة جارية: تنزيلات هامة على واجهات أكثر من مؤسسة خاصة، من الجامعة إلى الفندق مروراً بالمستشفى وغيرها.

 

هذه حالٌ قد تبدو صادمة، مفاجئة، إلا أنها… طبيعية في ما أرى.

 

فالأكيد أن القطاع الخاص عرف في لبنان كفاءات اكيدة في نُخبه، بالتوازي مع دولته… الفاشلة.

 

هذا ما يتحقق منه أي متابع، إذ يلاحظ “نجاحات” لبنانيين ولبنانيات في غير بلد في العالم، وفي أكثر من اختصاص.

 

هذا النزف في الكفاءات… قديم، لكنه يشير، في الحالة الراهنة، إلى تراجع متعاظم قد يصيب إعداد النخب الجامعية ويهدد مستقبلها بالتالي: هل سيحافظ التعليم العالي، الخاص تحديداً، على مستواه الأكاديمي المميز؟ هل ستقوى مؤسسات ومؤسسات خاصة محلية على توفير الإطار المهني المناسب لتبلور هذه الكفاءات؟

 

هذه الأسئلة مصيرية، وقد لا تحمل التطورات السياسية الكابوسية المتمادية سوى تأكيد مزيد عن افتراق لبنان واللبنانيبن عن تاريخهم “النهضوي” اللامع، وعن سمعتهم ورصيدهم وكفاءاتهم السابقة.