IMLebanon

الوزراء المشاكسون

تحوّل الخلاف على آلية عمل مجلس الوزراء إلى عقدة تهدد ما لم يتم تداركها باستقالة الرئيس تمام سلام ولو أدّت هذه الاستقالة إلى دخول لبنان بالمجهول، حيث البلاد بلا رئيس ولا حكومة ولا مجلس نيابي، فهل يُدرك الذين يعطّلون الحكومة تبعات ذلك على البلاد.

من جهته أطلق الرئيس سلام صفارة الانذار في وجه الوزراء الذين يعطّلون عمل مجلس الوزراء من خلال تمسكهم بالإجماع ورفضهم الالتزام بالدستور في مادته الـ 65 التي تنص على آلية عمل مجلس الوزراء بشكل تفصيلي ومفاده أن القرارات العادية تتخذ بالأكثرية في حال تعذر الإجماع أما القرارات الميثاقية كالموازنة والاتفاقات الدولية وتعيين موظفي الفئة الأولى تتخذ بأكثرية الثلثين.

الرئيس سلام الذي أطلق صفارة الاندار إلى الوزراء المشاكسين ما لم يعودوا إلى الاحتكام للدستور رفض أن يتحوّل التوافق والإجماع إلى عُرف وقاعدة أقوى من الدستور ورفض أيضاً دعوة مجلس الوزراء إلى الاجتماع لعلّ الوزراء المشاكسين يدركون تداعيات مشاكستهم على الوضع الحكومي برمّته في حال استمر تعطيل عملها باعتبارها حكومة تصريف أعمال إلى أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية وليست بالتالي حكومة تعمل بكامل الصلاحيات بحيث يعتاد اللبنانيون على الفراغ في رأس الدولة، وهي حجة ممجوجة في نظر الرئيس سلام، لأن الحرص على إملاء الشعغور في رئاسة الجمهورية لا يكون بتعطيل عمل الحكومة، بل بالسعي الدؤوب لانتخاب الرئيس، الأمر الذي لم يفعله هؤلاء الوزراء وإنما فعلوا عكسه من خلال تعطيل آلية عمل الحكومة ودفع البلاد الى أن تبقى من دون مؤسسات مما يهدد النظام وحتى الكيان، فهل يُدرك الوزراء المشاكسون نتائج ما يقومون به أم أنهم لا يُدركون ويتصرّفون فقط حباً بالمشاكسة وإمعاناً في تعطيل الحكومة تحت عباءة الحرص على مقام رئاسة الجمهورية.

وبالرغم من إستياء الرئيس سلام من تصرّف الوزراء المشاكسين واتهامهم بتعطيل عمل الحكومة واستطراداً تعطيل عمل كل المؤسسات الدستورية لكنه لم ييأس بعد من إمكانية الوصول الى تسوية لهذه المشكلة تثبت الحكومة في السراي الكبير وتبعد شبح الاستقالة غير المستحبة لأنها توقع البلاد في الفراغ التام من شغور في رأس الدولة إلى حكومة تصريف أعمال الى مجلس نيابي معطّل ومشلول بالكامل وذلك بتكثيف اتصالاته مع مرجعيات الوزراء المشاكسين لعلّه ينجح في إقناعهم بوجوب الالتزام بالنصوص الدستورية وتجنيب الدولة الأعراف التي تنطوي على محظورات كثيرة، بما فيها تعطيل المؤسسات الدستورية التي يقوم عليها النظام وتشكل أعمدة الدولة الحديثة.