IMLebanon

مصادرة 700 ربطة خبز من فرن في النبطية وتوقيف صاحبه

أزمة الرغيف تُعرّي الدولة وتكشف حجم المتلاعبين بلقمة الفقير

«أزمة بتروح وأزمة بتجي»، هذا حال لبنان هذه الأيام وهو الجالس على فوهة بركان. ما كادت أزمة الخبز تتحلحل، حتى ارتفع الحديث عن أزمة بنزين، بحيث عمدت محطات عدة في النبطية الى إبلاغ زبائنها بأن الشركات تريد دولارات. كل ذلك يحصل والزعماء يتقاذفون التهم المتبادلة، ضاربين عرض الحائط بأن المواطن «جلده ما عاد يحمل».

فما إن جرى الحديث عن دولرة البنزين بـ15 بالمئة منه حتى دخل الدولار مرجوحة التصاعد مسجلاً 30,500، ما قد يدفع باتجاه ارتفاع كبير في أسعار المحروقات التي ستنعكس بدورها على كل المواد الأخرى، في تأكيد على أن أزمات لبنان من فعل المتناحرين، ممن يتاجرون بالناس لتحقيق مكاسب في الحكم.

وكأنه كتب على المواطن الغرق في أزماته وقد هدّته وحوّلته متسوّلاً لرغيف خبزه ومواده الغذائية وحتى بنزينه، في وقت ما يتقاضاه لا يكفي لدفع فواتير الاشتراك.

جديد أزمة الخبز

فرغم دخول أزمة الخبز سكة الحلحلة الخجولة، بقيت ربطة الخبز غير متوفرة في الدكاكين إلا في الأفران، في حين كانت أفران أخرى تحت مجهر الملاحقة والمداهمة، لتلاعبها بالوزن والسعر معاً. وفق المعلومات فإن فرن «المنى» في بلدة عدشيت الجنوبية، كان يبيع ربطة الخبز وفيها 5 أرغفة فقط، وفي السوق السوداء بسعر تجاوز الـ35 ألف ليرة لبنانية، بالتواطؤ مع سائقي الفانات التابعين له، ما دفع القضاء المختص للتحرك، فأوقف صاحبه قيد التحقيق، وصودرت 700 ربطة خبز تم توزيعها على المؤسسات الإنسانية في النبطية.

وتأتي خطوة ملاحقة المتلاعبين برغيف الفقراء في إطار الحد من تلاعب تجار الأزمة، وأكدت مصادر قضائية متابعة مصادرة الخبز وتجنب تشميع الفرن، لكي لا يتسنّى لصاحبه المتاجرة بالرغيف على هواه من تحت الطاولة، وقالت «بناء على شكوى مقدمة، تمت متابعة الفرن الذي استغل الأزمة بشكل كبير، وضبطه بالجرم المتلبس وهو ببيع الخبز بـ40 ألف ليرة، كنوع من التذاكي». وبحسب المعلومات فإن هدف توقيف صاحب الفرن ومصادرة بضاعته توجيه درس قاس لكل المتاجرين بلقمة الناس من أن القضاء والامن لهم بالمرصاد».

كشفت مداهمة فرن «المنى» حجم التلاعب الذي يمتهنه عدد لا بأس به من الأفران بهدف الكسب السريع. وقد دخل السوري على الخط، هذه المرة كأداة لصاحب الفرن، بحيث يبيعه سوق سوداء، ما أثار حفيظة الاهالي واستدعى تدخلاً لقوى الامن الداخلي، فداهمت منزل السوري في محلة الشريفة وهو يعمل لدى فرن يونس وصادرت اكثر من 50 ربطة خبز كان يبيعها للنازحين، في وقت كان اللبناني محروماً من ربطة واحدة.

عرّت أزمة الخبز الدولة اللبنانية وكشفت حجم المتلاعبين بلقمة الفقير، فالطحين المدعوم يصرف للمناقيش والحلويات والقليل المتبقي يذهب الى الخبز العربي، وتشير المعلومات الى أن عدداً كبيراً من الافران كان يعمد الى بيع حصته من الطحين المدعوم الى اصحاب أفران المناقيش والصاج والباتيسري وتجاوز الطن الواحد الـ800 دولار، ما يعني بحسب المعلومات أن صاحب الفرن يحقق أرباحاً طائلة من «التجرة» من دون أن يتكلف فلساً واحداً، وما الأزمة الحالية الا نتيجة حتمية لهذه المتاجرة. ولا تخفي المصادر أن الازمة الحالية ما هي إلا رسائل سياسية متبادلة، وتمهيد الطريق لرفع الدعم حينها ستصبح ربطة الخبز بـ35 ألف ليرة وربما أكثر، ما يعني أن لقمة الفقير في مهب الكباش والصراع القائم…

أزمة وراء أزمة، وحبل الأزمات على الجرار، في ظل حلول ترقيعية تتّبعها الدولة، فكل أسبوع هناك طابور، بالأمس طابور الخبز وغداً ربما طابور البنزين وفي الأسبوع المقبل أي طابور سيدخل حيز الأزمة؟