IMLebanon

بدل دعم ربطة الخبز… دعمت الحكومة الـCroissant والـEclair!

 

 

ملفات عديدة حياتية ملحّة وآنية مطلوب البتّ فيها خلال جسلة مجلس الوزراء الاخيرة اليوم، قبل استقالة الحكومة وتحوّلها الى تصريف الاعمال، لتصبح بذلك مجرّدة من صلاحيات اتخاذ قرارات جوهرية ضرورية لتأمين استمرارية قطاعات مختلفة ومتعددة كالاتصالات، الطاقة، بالإضافة الى حماية الأمن الغذائي والصحي وغيرها.

 

أزمة دواء، كهرباء، وخبز على الأبواب، في حال لم يقم مصرف لبنان بفتح الاعتمادات اللازمة لاستيراد القمح والدواء والمحروقات، حيث ترفض المطاحن تسليم كميات القمح الموجودة لديها للأفران قبل فتح الاعتمادات للمستوردين في الخارج والمقدّرة قيمتها بـ 8 ملايين دولار، مطالبة الحكومة بوضع آلية للاستيراد والتسديد موضع التنفيذ، والإسراع في توقيع الاتفاق مع البنك الدولي لإقراض لبنان 150 مليون دولار لاستيراد القمح، والذي، بحسب وزير الاقتصاد، يحتاج الى حوالى الشهرين ليصبح قيد التنفيذ، إذ يتوجب على مجلس النواب الجديد إقراره للسماح بالمضي قدمًا به.

 

ورغم انّ رئيس الحكومة عقد امس الاول اجتماعاً حول الأمن الغذائي تحضيراً لجلسة الحكومة امس، إلّا انّ مصادر مواكبة للاجتماع اكّدت لـ»الجمهورية»، انّه لم يتمّ التوصل الى حلّ للأزمة، بل فقط الى إقرار خطة النهوض بالانتاج الزراعي، الذي يؤمّن 15 في المئة من حجم الاستهلاك، لافتة الى انّ نسبة الـ85 في المئة غير مؤمّنة، ولا تملك الحكومة حلولاً لتأمينها حالياً، معوّلة على قرض البنك الدولي. وبما انّ إقرار القرض الذي يحتاج الى شهرين على الأقل لن يحلّ الأزمة الحالية، ستتجّه الحكومة للطلب من مصرف لبنان بمواصلة دعم استيراد القمح وفتح الاعتمادات اللازمة. واشارت المصادر، الى انّ على غرار سياسة الدعم المتّبعة منذ اندلاع الازمة، فإنّ نسبة كبيرة من القمح المدعوم لم تصبّ في صالح دعم سعر ربطة الخبز وتمّ هدرها، حيث حظيت المطاحن والأفران الكبرى، وبموافقة وزير الاقتصاد ورئيس مديرية الحبوب والشمندر السكري، على الحصة الاكبر من القمح المدعوم، وقامت باستهلاكه في صناعة الحلويات. وبدلاً من دعم ربطة الخبز، تمّ دعم «الكرواسان»، والـeclair، والـmillefeuille… لصالح الأفران الكبرى التي تبيع تلك المنتجات بأسعار غير مدعومة، وتحقق ارباحاً على حساب لقمة عيش المواطن وربطة خبزه.

 

في المقابل، شدّدت مصادر المجلس المركزي لمصرف لبنان، على انّ البنك المركزي لن ينفق بعد اليوم دولاراً واحداً من احتياطه، وسيطالب الحكومة بأن ترسل له كتاباً يجيز له، استخدام اموال حصة لبنان من حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي SDR لفتح الاعتمادات اللازمة، «غير هيك، ما في ولا ليرة!».

 

واشارت المصادر لـ»الجمهورية»، الى انّ أعضاء المجلس المركزي في مصرف لبنان غير مستعدّين لأن يتهمهم القضاء لاحقاً بإنفاق اموال المودعين، علماً انّ الاحتياطي قد استُنزف. «اما في حال أرادوا مواصلة الدعم من خلال اموال حقوق السحب الخاصة sdr، فهذا القرار يعود للحكومة ولوزير المال». مع الإشارة الى انّ اجمالي ما تمّ استخدامه من تلك الاموال لا يتعدّى حوالى 200 مليون دولار، منها 36 مليون دولار لدعم استيراد القمح كدفعة اولى، و35 مليون دولار لدعم استيراد الادوية، وحوالى 13 مليون دولار لجوازات السفر، ومبلغ اضافي لقطاع الاتصالات وغيره… وقالت مصادر مصرف لبنان: «إذا استمرّت الحكومة على هذا النهج، ستهدر اموال حقوق السحب الخاصة بفترة شهر!».

 

وأملت المصادر أن «يتحدّ البرلمان بسرعة كبيرة لمنع حدوث أزمة اجتماعية». وقالت: «دعونا نصلي أن يتقاسم مجلس النواب والحكومة الجديدان العبء، ويساعداننا والبلد، على التحرّك في الاتجاه الصحيح».

 

وأكّدت انّه في حال لم يتحرّك النظام في الاتجاه الصحيح نحو الإصلاحات وبناء الثقة من جديد، وبسرعة، «فإنّهم سيرغمون مصرف لبنان على أن يظلّ صانع السياسة الوحيد في البلاد، وهو أمر لم يعد معقولاً».

 

وفي هذا السياق، ليس ملف القمح الوحيد الذي يشكّل ازمة معيشية حالياً، لأنّ البلاد أيضاً على أبواب العتمة الشاملة بسبب نفاد مادة المازوت وتوقف معملي دير عمار الحراري والزهراني عن العمل. مع الإشارة الى انّه لا توجد بواخر محروقات متوقع وصولها الى لبنان في المدى المنظور لمعالجة هذه الأزمة، وهنا أيضاً ستجد الحكومة نفسها مضطرة للطلب من مصرف لبنان فتح اعتمادات لاستيراد المحروقات، في حين انّ وزير الطاقة اعلن انّ البنك الدولي عدّل شروطه لتوقيع عقود الحصول على 300 مليون دولار لتمويل مشروع الربط الكهربائي بين سوريا ولبنان لمدة سنتين، بالتوازي مع إتمام العقود لاستجرار الغاز وهي شبه جاهزة، مما سيؤدي أيضاً الى تأخّر وضع هذا الحلّ موضع التنفيذ.

 

كذلك الامر بالنسبة للأمن الصحي، حيث شدّد نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة، على أنّه «يجب على الحكومة أن تتخذ قراراً اليوم لتفادي الفراغ الدوائي وفتح إعتمادات»، لافتاً إلى أنّ «بعض أدوية السرطان التي لا يتخطّى سعرها الـ 100 دولار، رُفع الدعم عنها، في حين بقي الدعم للدواء الجنريك الأرخص». كما دعا نقيب الصيادلة جو سلوم المرضى عموماً ومرضى السّرطان خصوصاً إلى «التحرّك والتظاهر أمام مجلس الوزراء اليوم أثناء انعقاد جلسته الأخيرة، للمطالبة بوضع خطة واضحة لتأمين الدواء للمرضى في الأشهر المقبلة».