لا يختلف اثنان وفق ما يحصل على هامش انجاز الاستحقاق الرئاسي ان وحدة المسيحيين تقلق معظم اللاعبين وفي طليعتهم الرئيس سعد الحريري الذي التقى النائب سليمان فرنجية ثانية في باريس دون ان يعرف اذا كان سينقل ترشيحه «الجدي» الى خانة «الرسمي» وحرّك نوابه باتجاه معراب لاقناع رئىس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بالتريث في اعلان ترشيحه للعماد ميشال عون في محاولة واضحة لتمييع الملف الرئاسي، وكان اخرهم وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي اعلن اثر لقائه جعجع ان الظروف الاقليمية والدولية لا تسمح بعد في نضوج الطبق الرئاسي، ربما استنادا الى موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعلن انتقال الاستحقاق الرئاسي «من البراد الى الثلاجة» وربط انجازه بتوافق المسيحيين، ولكن في المحصلة سواء توافق المسيحيون ام العكس فان الثابتة الوحيدة ان مرحلة ما بعد ترشيح فرنجية ليست كما قبلها وان انفراط عقد 8 و14 آذار حاصل لا محالة تقول مصادر مسيحية، وان ابرز ما في حروب الكواليس ان تلويح جعجع بترشيح عون كان «ضربة معلم»، حيث تشير المعلومات وفق اوساط برتقالية الى ان زيارة الجنرال معراب تخضع للمسات الاخيرة وانها ستفرز الخيط الابيض من الاسود على صعيد الاستحقاق الرئاسي ولكن ما يثير استغراب المعنيين في هذا الملف ليس لقاء الجمعة بين الحريري وفرنجية في باريس بل اصرار الاخير على ذلك، علما انه سمع «ثلاث لاءات» من دمشق بعدم السير بمبادرة الحريري، اولاها مباشرة من الرئيس السوري بشار الاسد وثالثها عبر المير طلال ارسلان الذي زارها مؤخرا يوم تعرضه لحادث سير في ضهر البيدر ونقل «اللا» المذكورة احد وزراء المردة السابقين من دارة خلدة. اما سبب هذه «اللاءات» ان دمشق ترى ان الحريري يقود مناورة بارعة مع فرنجية على خلفية ايصاله الى الكرسي الاولى مقابل الابقاء على قانون الستين الذي يتيح له ايصال النواب المسيحيين بأصوات السنة ليبقوا العوبة في قبضة الحريري كون «المستقبل» يرفض القانون النسبي وحتى المختلط الذي طالب النائب وليد جنبلاط بتعديله للحفاظ على الخصوصية الدرزية وان فرنجية يتقاطع مع «التيار الازرق» لجهة قانون الستين واذا كان «حزب الله» على لسان السيد حسن نصرالله امينه العام قد دعا الى ايجاد الحلول بإنجاز الاستحقاق الانتخابي وتكليف رئىس للحكومة ووضع قانون انتخابي يسمح بالتمثيل الصحيح للقواعد الشعبية وهو الاهم في سلة الحل الواحد، فان الحريري من خلال لقائه الثاني مع فرنجية يريد فعليا انجاز الاستحقاق الرئاسي على ان يتم تقطيع الوقت لأكثر من عام دون اقرار قانون انتخاب يعتمد على النسبية.
وتشير الاوساط الى ان النائب وليد جنبلاط سيقاطع وربما سيتحالف مع «المستقبل» لابقاء قانون الستين ضمانا لاستمراريته في القبض على النواب المسيحيين في الجبل حفاظا على زعامة المختارة التي انتقلت بالشكل الى نجله تيمور ولا يريد أن تصاب بانتكاسة كون النسبية تكرس دوراً فاعلاً للتيار العوني و«للقوات» في اختيار نواب الجبل ناهيك بطموح وئام وهاب على الساحة الدرزية، واذا كانت الطبخة الرئاسية التي جهزها جنبلاط للحريري بمعرفة سعودية تشكل مخرجاً لكليهما فان السؤال المطروح يتعلق بموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان آخر من يعلم بلقاء الحريري – فرنجية الاول في باريس ثم باعلانه انتقال الاستحقاق من البرادات الى الثلاجة، مع اضافة يوم امس ان هذا الاستحقاق يحصل في حال توافق المسيحيون، ما يطرح سؤال آخر عن دور جنبلاط في ترتيب لقاءات بري – فرنجية الاسبوع الفائت. فهل صحيح ان بري لم يطلع عليه رسمياً، وان الرجلين طالما تشاركا في ايجاد المخارج والحلول.
وتضيف الاوساط ان ترشيح فرنجية اذا حصل رسميا من قبل الحريري فترجمة الامر عودة لاحياء «الترويكا» كما في زمن الوصاية السورية مع حذف المكون المسيحي فاذا كانت «السيبة» الرئاسية تقوم على ثلاثية بري والحريري وجنبلاط، فلماذا قامت الدنيا ولم تقعد عندما طرح عون وسمير جعجع مقولة «الرئيس المسيحي القوي» وهل يحق للاخرين فرض الرئيس المسيحي على قاعدة «ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم» كما قال الجنرال في احدى المناسبات ولا يحق ذلك للمسيحيين. وفي المحصلة ان المجريات تدل على ان تلاقي الاطراف الاخرى علي ملف الرئاسة هو رد على ورقة «اعلان النوايا» كون وحدة المسيحيين تقلقهم ولا بد من لعب ورقة «فرّق تسد».