المرأة اللبنانية لا تزال صامتة، خائفة، مختبئة، رافضة المشاركة في الحياة السياسية لقيود وضعها المجتمع كما وضعتها هي بذاتها على نفسها. لا يزال وضعها هو الادنى في المجتمع، ولا تزال حقوقها مسلوبة، فهي حتى الان لم تتجرأ على خوض غمار الحياة السياسية بعد ان احتكر الرجال ذلك ووضعوا حواجز عرفية تمنع المرأة من تبوؤ المناصب السياسية. والمؤلم ان بعض النساء تخلت عن قيمة الانسان فيهن وقبلن بما فرضه النظام الاجتماعي اللبناني وهو ان ينحصر دورهن في المجالات التربوية والاجتماعية دون المجالات الاخرى. وتسألون لماذا مجتمعنا متخلف؟ غالباً ما يعكس وضع المرأة في بلد ما وضع المجتمع والبلاد بشكل عام، فالتخلف لا يمكن التغلب عليه في المجتمعات عادة ما لم تعط المرأة حقوقها وما لم تمارس دوراً ريادياً في شتى المجالات وبمعنى اخر ما لم تعامل المرأة كانسان كامل.
المجتمع اللبناني يعيش تخلفاً وفساداً وفسقاً لا مثيل له فالمقاييس الاخلاقية توضع على فئة واحدة وهي النساء، في حين يستطيع الرجل ان يفعل ما يشاء وهذا الخلل في فرض المقاييس الاخلاقية على كل اطراف المجتمع زاد من تخلف المجتمع اللبناني وجعله غير قادر على التمدن والتطور. والمقاييس الاخلاقية المفروضة على النساء دون سواهن، رافقها قيود اخرى شملت ميدان العمل حيث ان اعرافاً وتقاليد عدة حثت المرأة على الانكفاء عن العمل السياسي. بيد ان العمل السياسي لا يختصر فقط بالترشح للانتخابات النيابية، بل ايضاً بتبوؤ مناصب قيادية في الاحزاب وفي الادارات العامة وفي الوزارات وهنا يبرز بشكل فاضح التمثيل النسائي الضئيل في هذا النطاق.
صحيح ان ما من قانون يمنع المرأة من المشاركة او تبوؤ هذه المناصب التي ذكرناها، ولكن في الوقت ذاته توجد قيود كثيرة في العقول والقلوب تمنع المرأة من المساهمة في المجال السياسي. فاذا اخذنا تونس على سبيل المثال نرى انها البلد الوحيد الذي نجحت فيه الثورة الاجتماعية وذلك للدور الفعال للمرأة التونسية في المجتمع وكذلك مكانة المجتمع المدني الذي يجيز ايضاً للمرأة حرية لا تمنحها الاحزاب عادة. تونس اظهرت جدارة في توجيه ثورتها نحو الصواب دون ان تنزلق في متاهات الفوضى والخراب والقتل والدمار. فهل تعتقدون ان ما حصل في تونس وليد الصدفة ام ان ركائز ومكونات المجتمع التونسي حقق ذلك؟
لا يخف على احد ان وضع المرأة التونسية المتفوق بالحقوق انعكس بشكل كبير على توجهات المجتمع التونسي فكان مجتمعا متحضراً طالب بالمزيد من الحرية وكان مؤهلاً ايضاً على التأقلم مع الحرية على عدة اصعدة ذلك ان الشعوب الناضجة هي وحدها التي تستحق الحرية وهي الوحيدة التي تكون قادرة على العيش بحرية.
من هنا تطور المجتمع اللبناني مرتبط بوضع المرأة وكيفية معاملتها كانسان كامل ولذلك بات من الواجب رفع هذه القيود والاعراف التي فرضها عليها لتحريرها وحثها على الانطلاق في عدة ميادين ابرزها السياسة.