Site icon IMLebanon

اختراق أم اتفاق؟

 

السؤال عن الاختراق الأمني الذي سمح لإسرائيل بأن تعرف تماماً هوية الذين استهدفتهم في واقعة القنيطرة، ليس أهم (ربما!) من السؤال عن الاختراق السياسي الذي يمثله موقف سلطة الأسد من قصّة «المقاومة في الجولان» من ألفها الى يائها!

السؤال الأول طبيعي طالما أن الضربة وقعت في منطقة تسيطر عليها قوات الأسد، وطالما أن الموكب الذي ذهب الى القنيطرة مرّ في مناطق تسيطر عليها قوات الأسد.. وطالما أن هناك سابقة أخطر، هي اغتيال عماد مغنية في قلب مربع أمني أسدي، ولم يعرف أحد منذ ذلك الحين شيئاً عن «التحقيق» الذي وعد وزير خارجية الأسد وليد المعلم العالم به في «غضون أيام».. في تلك الأيام!.

وفي هذا الشق لا ضرورة ربما لغير المعنيين، في «حزب الله» وإيران وغيرهما، لأن يعرفوا كيفية فك الطلاسم الأمنية، لكن في الشق الآخر المتعلق بالموقف السياسي، هناك وضوح عام سافر ويتخطى القراءة التحليلية.

وفي ذلك الوضوح، ان نفوذ «حزب الله» وإيران في قرار الأسد وصل الى حدّ إلغائه! أو بالأحرى تغييبه تماماً، بحيث إن السيد حسن نصرالله خرج باسم «المحور الممانع» ليعلن هو قرار الرد على الغارات الاسرائيلية السابقة على الداخل السوري وليس الأسد… ومرّ الأمر مروراً عادياً، من دون أن يتوقف أحد عنده، شكلاً ومضموناً. أي لم «ينتبه» أحد، أو بالأحرى لم يتوقف أحد، عند قصّة «السيد الرئيس» ولا عند غيابه التام عن قضية «سيادته» على هذا القدر من الخطورة والأهمية… كأنه، بكل بساطة، لم يعد موجوداً! أو لم يعد له الثقل الذي يؤهله لأن «يعلن» على الأقل، بصفته المزعومة قراراً من دون «الرد» على إسرائيل!.

وفي ذلك الوضوح ان أحداً لم يسمع حتى الآن موقفاً معلناً من السلطة الأسدية، إزاء غارة القنيطرة، سوى ذلك البيان الوحيد الذي أشار اليها وإلى سقوط عدد من الضحايا من بينهم طفل! ولا شيء أكثر… لا تهديد ولا وعيد ولا بطيخ بمسامير!

السؤال عما إذا كان الأسد أول وأكبر المهمومين بما يمكن أن يحصل غداة غارة القنيطرة، أو متابعتها بعد تهديد نصرالله بالردّ على الغارات السابقة، ينطلق واقعياً من ذلك التحليل البسيط الذي يفترض أن آخر شيء تريده السلطة الأسدية هو الذهاب في استفزاز اسرائيل الى حدّ جرّها لتدخل سلبي مدمّر! وبالتأكيد ستكون تلك السلطة أول ضحاياه.. وأفترض أن شيئاً فعلياً من ذلك قد جرى تداوله في الساعات التي أعقبت ما جرى وبواسطة طرف ثالث تولى «بكل أمانة» نقل رسالة بهذا المعنى الى بشار الأسد!

والواضح الصارخ، هو أن الأسد لا يريد تدخلاً إسرائيلياً على الطريقة الإيرانية أو وفق السياق الذي أعلنه السيد نصرالله، بل العكس تماماً: هو منذ الأيام الأولى (عودة الى رامي مخلوف!) وصولاً الى ما قاله وزير إعلامه عمران الزعبي قبل أيام، يريد تدخلاً لكن لمصلحته وليس لأي شيء آخر.. 

وما قاله الزعبي شفّاف بطريقة سحرية، وعلى شاشة «المنار»، وبعد ساعات معدودة على إعلان نبأ القنيطرة.. قال حرفياً «ما يجب أن تدركه حكومة إسرائيل هو أن كلفة المحافظة على الأمن الإقليمي أقل بكثير من كلفة انفلات الأمور من عقالها وتطوّرها على نحو سلبي».

أي ان سلطة الأسد، وعلى تلفزيون الممانعة، وفي ظل تهديدات ووعود زلزالية، تناشد إسرائيل بذلك المنطق الودّي الوعظي الآسر عدم الانجرار الى ما يهدّد «الأمن الاقليمي» وبطريقة قد تؤدي الى «إنفلات الأمور من عقالها وتطورها على نحو سلبيّ!

.. إما أننا لا نعرف القراءة، وإما أن «حزب الله» ينتبه ويطنّش، وإما أن إيران احتلت القرار الأسدي رسمياً، وصارت هي الناطقة الوحيدة باسمه.. وفي كل الحالات هناك فارق اختراقي بين موقف الأسد، ومواقف حلفائه، والى حدّ يصير معه مفهوماً ذلك السؤال الذي يربط الخرق الأمني بالخرق السياسي.. أم ماذا؟