الأوضاع ليست مأسوية الى حدّ الانفجار.
وليست أيضاً انفراجية الى حدود الفرج والانفراج.
هي صعبة، دقيقة ومرّة.
لكن البلاد تواجه طرقاً مسدودة.
ولاعادة فتحها، فان المسألة تتطلب جهوداً، لا يأساً من العقبات.
ومنذ ثلاثة أسابيع، أوقف رئيس الحكومة، نهجه القائم على شقّ الطرق المقفلة.
لكنه، لم يقل لحظة انها مفتوحة.
كان الرئيس عبدالله اليافي يشدّد، منتصف الخمسينات على أهمية الانفتاح على الحلول، ولو كانت موصدة.
وعندما طلب اليه الرئيس كميل شمعون تشكيل الحكومة، اشترط، على أن يكون معه في الحكومة حليفه صائب سلام.
انطلق يومئذ شعار لا يوافي إلاّ اليافي.
وعندما نجح في اجتذاب صائب سلام، وهو رئيس حكومة سابق، وزعيم بيروتي عريق، وافق زعيم المصيطبة، على أن يكون وزير دولة للشؤون العربية.
وفي منتصف الخمسينات، دعا الرئيس كميل شمعون الى قمة عربية في بيروت، لكنها انتهت بانفجار الحكومة واستقالة اليافي وسلام معاً.
الآن، الوضع دقيق.
والحلول صعبة.
وما يجري في سوريا، جرى مثله في العراق، بعد ثورة ١٤ تموز.
وما كان بين جمال عبدالناصر رائد الوحدة العربية الأولى بين مصر وسوريا، من جهة، والمملكة العربية السعودية، يجري الآن على رقعة المحاور الاقليمية بين السعودية وايران.
وبين الجهتين، تبرز جبهات مشتعلة، تمتد من العراق الى صنعاء، وتصل من تونس الى الكويت.
وفي الماضي كانت القومية العربية تقف بالمرصاد ضد العنف، وفي الحاضر تنتصب داعش على أبواب الجميع، وتدقّ أبواب باريس بالقنابل والتفجيرات.
هل يبرز في الافق ما يوحي بانفراج، ام ما يمهد لانفراج؟
سؤال دقيق وصعب.
ولكن، لا بد ان تلوح بين الكلمات والعبارات، علامات تؤشر الى الاثنين معا.
معركة الرئاسة الاولى مقفلة في وجه اي توافق محتمل.
وعودة الحكومة الى الاجتماع، تطلق احتمالات الايجاب والسلبية امام الجميع.
واذا ما استمر الحوار، فان كل شيء وارد.
ولا احد يبرر المواقف الخشبية لكل فريق، لأن احتمالات التوافق يسيرة، وغير مقفلة، أو مغلقة.
الا ان الحوار يصعب، او يسهل، بمقدار ما يتراجع المتصلبون عن مواقفهم المتصلبة.
والتقارب نقيض التناقض.
الا ان ارادة التقارب اقوى واشد من رياح التنافر والتباعد.
والحكومة قد تجتمع، وقد تتفق على جدول اعمالها.
لكن، وجود الاختلاف وارد في كل لحظة.
ربما، ينتظر الجميع اندفاعة دولية او اقليمية، صوت من في الداخل، للانتقال من التحجر الى التساهل، ومن الصعوبة الى التسوية، بيد ان من في الداخل اجدى بتجاوبهم من انتظار من في الخارج لدفعهم الى الانفراج، بدلا من الانفجار!