قبل أسبوع، زار وفد مصرفي ومالي ألماني بيروت، حيث أجرى سلسلة لقاءات، تناولت المشهد المالي الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ودور ألمانيا في المستقبل. أهداف وأبعاد هذه الزيارة تحدّث عنها الى «الجمهورية»، هوبرت فاث، المدير الإداري لمركز فرانكفورت المالي، وكبير الاقتصاديين السابق في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في دويتشه بنك.
- ما هي أهداف وخلفيات زيارتكم إلى بيروت؟
أصبح انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي أمراً وشيكاً. ومن بين التداعيات السياسية والاقتصادية التي ستحدث، التحولات الهائلة في الهيكل المالي لأوروبا نتيجة انفصال لندن عن الاتحاد الأوروبي. لقد نظمنا، بالتعاون مع وزارة الخارجية الاتحادية لجمهورية ألمانيا الاتحادية، اجتماعاً، وطاولة نقاش مستديرة للسفير في تشرين الاول 2019 في برلين، لمناقشة تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على المشهد المالي في أوروبا.
وشجّعنا الحاضرون من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على السفر إلى المنطقة. ونحن الآن نقوم برحلتنا الثانية وبيروت كانت المحطة الأولى في هذه الرحلة. حيث تشهد المراكز المالية والقطاع المالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تصاعداً مستمراً وتزخر بمظاهر التكنولوجيا المالية.
ونلمس وجود إمكانات كبيرة للخدمات المالية والشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للتعاون مع فرانكفورت، وهي المركز المالي الرائد في الاتحاد الأوروبي.
- ما حجم حركة انتقال البنوك والمؤسسات المالية إلى فرانكفورت حتى الآن؟
حتى الآن، أنشأت مجموعة من المشاركين في السوق فروعاً في فرانكفورت أو وسّعت وحدات الأعمال الحالية على نطاق كبير. وقد تلقّى المشرف ما يقرب من 60 طلباً من أكثر من 50 شركة للخدمات المالية للتوسّع أو التأسيس الجديد في فرانكفورت.
واختار أكثر من 30 بنكاً عالمياً فرانكفورت مقرّاً رئيسيّاً داخل الاتّحاد الأوروبي. وتعمل البنوك الأميركية والصينية واليابانية والسويسرية الكبرى وتلك الموجودة في المملكة المتحدة بالفعل على نقل أعمالها من لندن إلى فرانكفورت أو هي في سبيلها للقيام بذلك.
وعلاوة على ذلك، شهدنا تدفّقاً للأشخاص أيضاً. حيث أضافت فرانكفورت 2% أو ما يصل إلى 15000 مواطن جديد. وتشهد منطقة فرانكفورت راين – ماين، وهي الأوسع نطاقاً ويبلغ تعداد سكانها أكثر من 5 ملايين نسمة، زيادة سنوية تُقدّر بنحو 1% أو 50000 نسمة. في العام الماضي، كان لدينا أكثر من مليار دولار ضمن النفقات الإضافية للخدمات المهنية في المدينة التي كانت ذات صلة بحتة بالانسحاب الوشيك للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
وبسبب الانسحاب الوشيك للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بدأت الوظائف المصرفية في الخروج من لندن . وشهدنا بالفعل انتقال 1500 وظيفة إلى فرانكفورت وسيتم نقل 2000 وظيفة أخرى بعد انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. وعلى المدى المتوسط، نتوقع انتقال عدد أكبر. وسوف تزداد أهمية فرانكفورت كمركز مالي بشكل كبير.
- هل تتوقع مزيداً من حركات الانتقال بعد انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بالفعل، وما الذي سيتغيّر بالنسبة للبنوك الدولية؟
تشهد آفاق فرانكفورت مشاريع لإقامة 20 ناطحة سحاب جديدة قيد الإنشاء حالياً أو قيد التخطيط لاستكمالها على مدار السنوات الخمس المقبلة. ومعظمها عبارة عن مزيج من المكاتب والمقرّات السكنية الراقية، التي تخلق مجتمعات فريدة من نوعها للسكن والعمل. والمزاج العام في المدينة يبعث على التفاؤل. حيث تمّ إنشاء 1000 مكان إضافيّ في المدارس الدولية وهو رقم قياسي لتدفق الطلاب الدوليين.
سيكون لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تأثير كبير على البنوك وعلى قطاع الخدمات المالية الأوسع نطاقاً. ونرى المملكة المتحدة تفقد حقوق جوازات السفر الخاصة بها التي تسمح بتصدير المنتجات والخدمات المالية إلى جميع الدول الأعضاء بعد الحصول على موافقة من أيّ دولة من دول الاتحاد الأوروبي. ونتيجة لذلك، يمكننا ملاحظة انتقال أصول تزيد قيمتها عن تريليون دولار.
وبالمناسبة، نحن نتوقع أنّ هناك أصولاً تتراوح قيمتها بين 750 و800 مليار يورو سينتهي بها المطاف في فرانكفورت. وفقدان حقوق جوازات السفر ليس إلّا مشكلة واحدة ضمن العديد من المشكلات.
- هل يمكنك منحنا فكرة عن التطوّرات التي تجري في المنطقة المالية بعد انسحاب المملكة المتحدة من الاتّحاد الأوروبي؟
نتيجة لانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، تمّ إطلاق الهيكل المالي في أوروبا وستستمرّ حركات الانتقال لبضع سنوات أخرى. وليس من الواضح تماماً الشكل الذي سيكون عليه الهيكل الجديد، لأن ذلك يعتمد على مفاوضات المملكة المتحدة الجارية مع الاتحاد الأوروبي. إلّا أنّ الأمر المؤكد اليوم هو أن أوروبا القارية ستصبح أكثر استقلالية، خاصةً في القطاع المالي. فإذا كنت ترغب في القيام بأعمال تجارية مع الاتحاد الأوروبي في المستقبل، فإننا ننصحك بالتعامل مع المراكز المالية في الاتحاد الأوروبي، وأهمها فرانكفورت.