تتوالى (فجأة؟) خبريات تربط إيران بإسرائيل مباشرة، من خلال لقاءات بين مسؤولين من الطرفين بدأت منذ سنوات وكان آخرها المكشوف النقاب عنه، قبل شهر تقريباً في قبرص وجرى البحث خلاله في مصير الطيار رون أراد الذي فقد في لبنان في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي.
وذلك في كل حال، يبدو تتمة منطقية(!) لواقع مواز يفيد بأن إسرائيل صارت أو تكاد أكثر من عضو مراقب(!) وأقل من مشارك تام، في الحرب التي يشنها المحور الإيراني الأسدي الروسي على السوريين والتي لم تستطع آليات الرصد الممانعة في نواحينا (خصوصاً!) رؤيتها مع أنها تمكنت من رصد ومتابعة مقابلة أجراها أمين معلوف مع قناة تلفزيونية إسرائيلية! وأقامت تبعاً لذلك محكمة فكرية وأصدرت من دون رفّة جفن أحكامها ضده ووضعته في خانة الساقطين!
والحديث المتواتر هذا عن لقاءات إسرائيلية إيرانية الذي لم يتعرض بالمناسبة لأي نفي من طرفيه، يستبدل اليقين بالالتباس الخاص بمسار الحرب السورية من زاوية السؤال الاستنكاري عن كيفية «قبول» إيران وتوابعها (أي حزب الله أساساً) القتال تحت مظلة جوية روسية مربوطة بإسرائيل..
كان يمكن الافتراض بصعوبة أن لموسكو حساباتها ومصالحها، وجاءت إلى سوريا استناداً إليها وليس استناداً إلى حسابات إيران ومصالحها، وتمكنت ببراغماتية غير مألوفة عنها، أن تجمع الزيت بالماء، وتشارك قوات إيران وتوابعها في المعارك الدائرة من جهة، وتحمي في الوقت ذاته «مصالح» إسرائيل الأمنية التكتيكية والاستراتيجية في سوريا من جهة ثانية… لكن يتبين، شيئاً فشيئاً، أن الجسر الروسي ليس معلّقاً في الهواء، بل يستند إلى ركائز فعلية، موزعة بالتساوي على جهات الممانعة من جانب، و»العدو الصهيوني الغاشم» من جهة ثانية!
واللافت في هذه المناحة أن بشار الأسد هو نقطة تقاطع المصالح المشتركة بين الإسرائيليين والمحور الممانع.. وما بدأ به رامي مخلوف في العام 2011 اكمله حسين أمير عبداللهيان نائب وزير الخارجية الإيراني قبل يومين. الأول قال علناً إن سقوط الأسد سيُسقط الهدوء السيبيري المخيم على جبهة الجولان منذ أكثر من أربعة عقود، والثاني كرّر الجملة نفسها لكن بمصطلحات شكلية مختلفة بحيث بدا وكأنه يهدد إسرائيل من مغبة التدخل ضد الأسد فيما هو في الواقع يؤكد كل مقولة الرامي، أن أمنها مُصان(!) طالما أن الأسد لا يزال في الواجهة!
وذلك في كل حال لا يؤكد إلاّ المؤكد لجهة تنامي وتائر التكالب على شعب سوريا، لكنه في الوقت ذاته، يؤشر إلى تحوّل سوريا إلى باب لا بد لإيران أن تعبر من خلاله باتجاه العودة إلى العالم الخارجي، حتى وإن كان ذلك يمر بالغرفة الإسرائيلية وبأثمان جانبية لا بد من دفعها.. وتطال «حزب الله» قبل غيره. والله أعلم!