IMLebanon

سدّ جنة مقابل إقرار خطة النفايات؟

تؤكد مصادر وزارية ان خطة النفايات التي أقرّتها الحكومة والتي يشوبها الغموض وتفوح منها رائحة الصفقات، تمّ التوافق على إقرارها مقابل السكوت والسير مجدّداً بمشروع سدّ جنة الذي بدوره فتح حرب تقارير مضادة بين الداعمين له، والمناهضين للمشروع.

رغم ان أزمة النفايات شغلت البلد لأشهر عدّة واستدعت تضافّر جهود الخبراء البيئيين والمجتمع المدني وعقد اجتماعات للجان الوزارية، مما أدّى الى استنباط حلول واقتراحات علمية وبيئية، إلا ان الحكومة خلصت في النتيجة الى إقرار خطة تقضي باعتماد مطمرين غير مناسبين للنفايات: واحد مجاور لمطار بيروت الدولي سيشكل عاجلا أم آجلاً خطراً على سلامة الطيران، وآخر في برج حمود، وهي منطقة تجارية مكتظة بالسكّان على ساحل البحر المتوسط.

بالاضافة الى موقع المطمرين، تستمرّ خطة النفايات في النهج الخطأ المعتمد منذ سنين من خلال الطمر من دون الفرز، بما سيعيد زرع السموم البيئية في نفوس المواطنين لفترة 50 عاماً جديدة.

كذلك، غضّت الحكومة النظر عن مئات الحلول لأزمة النفايات، واختارت أكثر الخطط تكلفة تصل الى أكثر من 200 دولار للطن الواحد، في حين ان الحلول البيئية والعلمية تكلّف ما لا يزيد عن 90 دولارا للطن الواحد. كما عمدت الحكومة في خطتها تلك، الى تلزيم أحد المتعهدين بكلفة عقد باهظة طرحت علامات استفهام عديدة وأكدت وجود السمسرات، ليعترض مجلس الوزراء على السعر ويعاود تلزيم المتعهد نفسه لكن بعد

تخفيض كلفة عقده بـ12 مليون دولار.

نجحت الحكومة في إقناع المواطنين بهذه الخطة تحت شعار: «إما أن تعود النفايات الى الشوارع وإما الاستمرار في هذا الحلّ المؤقت لأربع سنوات»، علماً ان التجارب في لبنان أثبتت عدم وجود حلول مؤقتة.

هذا من ناحية خطة النفايات. أما في ما يتعلّق بملف سدّ جنة، المنتفعون مختلفون لكن المضمون والطريقة نفسها. عُلّق العمل في سدّ جنة بعد تجاذبات سياسية بين فريقين وحرب تقارير من الطرفين، جزء منها يشجع بناء السدّ ويعتبره جيداً للمنطقة، وجزء آخر يحذّر من تشييد السدّ ومن تسريب مياهه في جعيتا.

وعُلم انه تمّت ممارسة ضغوطات على الشركات التي كلّفت اجراء دراسات حول الاثر البيئي لسد جنة من أجل تخفيف أثر تقاريرها، واستُعملت أساليب ضغط عدّة منها وقف دفع المبالغ المالية المتبقية لتلك الشركات، قبل تعديل تقاريرها.

وقد واجه المشروع رفضاً مطلقاً من طرف سياسي، وإصراراً على تنفيذه من طرف آخر، بما أدّى في النهاية الى وقف الاعمال في سد جنة.

الجديد في الملف، تَحُوّل لافت في رأي وزارة البيئة في مشروع السدّ وتوجيه وزير البيئة محمد المشنوق كتاباً نهاية الاسبوع الماضي الى وزير الطاقة أرتيور نظريان يطالبه فيه بإجراءات تخفّض المخاطر والضغوط في مشروع سد جنة.

وقال المشنوق في كتابه «أنّ استمرار الوضع كما هو عليه معلّقاً لا يخدم أياً من الوزارات المعنيّة، لا بل يسيء لسمعة الحكومة لجهة قدرتها على التوصّل إلى موقف موحّد في هذا المجال».

واقترح على وزير الطاقة تكليف أي جهة يراها مناسبة، خارجيّة او محليّة، إعادة اعداد او استكمال الدراسات اللازمة، على أن يلي ذلك بعض النشاطات من قبل وزارتي الطاقة والمياه والبيئة لإعادة بناء الثقة بين مختلف الفرقاء.

فهل هذه خطوة تمهيدية لاعادة استئناف الاعمال في سدّ جنة بعد ان توقف تنفيذ المشروع عند حدود 15 بالمئة من اجمالي الاعمال؟

قباني

في هذا الاطار، استغرب رئيس لجنة الاشغال النائب محمد قباني كتاب وزير البيئة ووصف قباني كتاب الوزير بالتراجع الكبير عن موقفه السابق وبالفضيحة المدويّة وقال لـ«الجمهورية»: ما حاجتنا لدراسات جديدة ولدينا أهمّ الدراسات؟

واشار الى ان الحكومة الالمانية عبر المعهد الفدرالي الالماني، أجرت دراسة حول المشروع، والمعهد ليس شركة ألمانية خاصة يمكن اختيارها والتعاقد معها لاجراء دراسة لسد جنة. واوضح ان BGR أصدر تقاريره نتيجة فحوصات ميدانية بيّنت أن الحدّ الاقصى للتخزين في سد جنة هو 7 مليون متر مكعب، وليس 35 مليون متر مكعب كما تقول الدراسات الرسمية المرتبطة بالسد.

كما أشار قباني الى انه تمّ أيضاً تكليف شركة Safege الفرنسية التي خلصت الى النتائج نفسها والى ان موقع السد غير مناسب، كذلك الأمر بالنسبة لشركة جيكوم التي أفادت بتقريرها ان وادي نهر ابراهيم مصنّف ضمن التراث العالمي وتوجد فيه أنواع من النباتات غير موجودة في العالم، اضافة الى تقرير المجلس الوطني للبحوث العلمية الذي ذكر وجود مخاطر زلزالية في المناطق المجاورة للسدّ، بعد انشائه.