IMLebanon

سد جنة ووقف هدر مياهه؟!  

الذين يسعون الى تسييس ملف سد جنة، فانهم يعرفون انه سيشكل احراجاً لفريق من الوزراء، لا سيما انه لا يكفي القول ان الحكومة قادرة على تخطي الاحراج السياسي، اضف الى ذلك ان فكرة مراجعة البنك الدولي لاعطاء رأي فني بالنسبة الى مشروع السد لم يعمل بها، بمعزل عن السجالات السياسية العقيمة، كما يقول وزير التنمية الادارية نبيل دوفريج الذي اكد انه من جهته سيقارب الموضوع من الناحية التقنية لا السياسية، مشدداً على ان داعمي مشروع السد، خصوصاً الوزيرين جبران باسيل وارتور نظاريان ووزراء حزب الله ينظرون الى الملف من منظار سياسي ويرفضون ان يكون النقاش تقنياً.

ورأي دوفريج انه يعتبر شخصياً ان اي وزير في الحكومة ليس ملماً بتقنيات المشروع، الى درجة تخوله ابداء رأي فني فيه، واوضح تكراراً »اننا لا نزال متمسكين بالاقتراح الذي قدمناه سابقاً ويرفضه البعض لاسباب سياسية«.

ويمكن تلخيص اقتراح دوفريج على ضرورة اعتماد دراسات علمية تقول ان اقامة السد ممكنة، في المقابل نظريات اخرى اجرتها مكاتب دراسات تقول ان السد لن يعطي النتيجة المرجوة طالما ان احداً لم يكلف نفسه عناء سؤال جهة متخصصة ليعرف ما الفائدة المرجوة من السد، فضلاً عما اذا كان هناك من ضرر بحسب ما يدعيه البعض، على امل الالتزام سلفاً السير قدماً بأعمال السد، في حال كان قرار بهذا المعنى من جهة دولية متخصصة (…)

ما لا يصح التوقف عنده هو اعطاء سد جنة طابعاً سياسياً مذهبياً من شأن اي خطأ مستقبلي يحصل فيه ان يلحق الضرر بمساحات عقارية واسعة. اما في حال كان العمل فيه ممكناً ويؤمن النتيجة المنتظرة، فإن المشروع سيجد اجماعاً على تأييده من جانب من يشك الآن في جدواه. ولكن السؤال هو من سيحسم هذا الملف، علماً ان كلاماً كثيراً قد قيل بحق الشركة ملتزمة المشروع، ما قد يفتح الشكوك الكبيرة حول طريقة عملها (…)

وعن ربط سد جنة بما يسميه البعض حقوق المسيحيين في مناطقهم، فقد لفت المراقبون الى انهم لم يفهموا معنى الربط بين الملفين. ثم هل ان مشروع السد سيؤمن حقوق المسيحيين، لا سيما ان ٧٠ بالمئة من مياه السد ستصل الى بيروت التي يشكل السنّة ٦٥٪ من حاجة سكانها الى ٣٠٪ من حاجات منطقة جبيل، ما يعني ان الجميع قد يستفيد من السد، علماً ان سد بسري (منطقة اسلامية) هو من سيؤمن المياه الى بيروت، مع العلم ايضاً ان هناك دراسات قالت انه غير صالح، حيث لا بد تكراراً من دراسة عملية – علمية لمدى الافادة من سد جنة الذي يعول البعض على الافادة منه في مشاريع سياحية في المناطق المحيطة به، وهذا يتطلب دوره مراجعة علمية – عملية لدراسة الجدوى؟!

السؤال المطروح: هل لأن سد بسري الجاري العمل فيه من غير حاجة الى اي اعتراض على رغم ما تم »عن ان جدواه ليست بالحجم المرجو بالنسبة الى تأمين مياه الشرب الى بيروت في موعد اقصاه العام ٢٠١٨، فيما المرجو من سد جنة هو تأمين المياه للعاصمة في موعد اقصاه ٢٠١٧، وهذا بدوره يحتاج الى دراسات وابحاث تؤكد الجدوى العملية والعالمية للسدين قبل ان تتطور الاعتراضات باتجاه المزيد من السلبية السياسية التي يعتقد البعض انها ستتطور في حال وافق مجلس الوزراء في جلسته اليوم الخميس الى ما يفهم منه السير قدماً باعمال سد جنة حيث لا حاجة للربط بينه وبين سد بسري الذي يحتاج بدوره الى مزيد من الدراسات العلمية والعملية من جانب خبراء اجانب يمكن العودة اليهم من خلال مؤسسات دولية متخصصة؟!

وزير من التيار الوطني الحر، قال انه مستعد لأن يوظف ثقله السياسي لما فيه تنفيذ مشروع سد جنة كما قال ان حزبه وحزب الطاشناق يدعمانه في سعيه، من غير حاجة للقول ان امور السد مرهونة بمدى تفهم جدواه والحاجة الملحة لوقف هدر مياهه الى البحر، من غير ان يظهر في الافق ما يوحي ان الحاجة تبرر الوسيلة في حال الاتكال على سد جنة وما يمكن توظيفه من مياه تكفي حاجة العاصمة ٧٠٪ سنوياً؟!

وطالما ان المشروع ومرور الكلام في جلسة مجلس الوزراء امس، فان الامور مرشحة لان يفهم منها ان الموضوع قد ارجئ لاخذ المزيد من الوقت، كي لا يفهم منه  ان سد جنة قد تحول الى »مشروع في الذاكرة« وليس الى اي مشروع قابل للحياة، الا في حال كانت حاجة ملحة الى الاخذ به في جلسة مجلس الوزراء المقبل لا سيما انه موضوع على جدول الاعمال (…)