Site icon IMLebanon

حلم العميد

قبل وفاته في باريس في العاشر من أيار عام ٢٠٠٠ عن ٨٧ سنة، طلب عميد حزب الكتلة الوطنية في لبنان ريمون اده من ماري – جوزيه شدياق، المستشارة اللبنانية الأصل، في البرلمان البلجيكي، تزويده بصلاة يتلوها برلمانيون أميركيون، قبل بدء مناقشاتهم، فأرسلت اليه بالفاكس النص الذي نشرته جريدة الشمس في كيبيك بكندا، في عددها الصادر في ٢٨ فبراير ١٩٤٦، قائلة ان برلمانيي ولاية ويسكونسن في الولايات المتحدة يتلونها في مستهل كل دورة تشريعية، على ان الفاكس وصل الى الفندق الذي كان ينزل فيه العميد بعد أسبوع من وفاته، وقد نشر في كتاب عن حياة الرجل الذي وصف دائما بضمير لبنان، وهو برسم كل برلماني لبناني وعربي يؤمن بالديمقراطية الحقة…

– يا أيها الإله القدير، يا إله كل الحكومات، ساعدنا في ساعة افتتاح هذه الدورة الاشتراعية على إدراك قدسية الأعمال السياسية.

– أبعدنا عن الخطايا التي سنقع تحت إغرائها، عندما يعلو صوت الأحزاب والمصالح داخل هذا المجلس.

– جنّبنا التفكير في الانتخابات المقبلة، بينما علينا التفكير في الأجيال الطالعة.

– جنّبنا الكلام على مسائل الأشخاص، بدلا من مناقشة المبادئ.

– إجعلنا لا نولي الأهمية الكبرى للحصول على الأكثرية، في الوقت الذي ينبغي أن نفكّر في صواب التدابير الواجب اتخاذها.

– جنّبنا في الساعات الحاسمة للمناقشات أن نقول المسائل التي تحدث وقعا كبيرا، بدلا من قول المسائل الحقّة.

– إجعلنا لا نتمتّع في المضي في البحث عن الكلمات الجميلة، بدلا من البحث عن الوقائع.

– جنّبنا اعتبار الحزب هدفا في ذاته، بدلا من التعامل معه على أنه وسيلة لبلوغ الهدف.

– لا نطلب اليك أن تحمينا من الاغراءات المحيطة بالمجالس الاشتراعية فحسب، بل نطلب أيضا أن تجعلنا ندرك على نحو أفضل ماهية الحكم، كي نتمكّن من خدمة مصالح من وضعوا حكم هذه البلاد بين أيدينا.

– ساعدنا على أن نتذكّر أن الأجيال التي ستأتي تشكّل جزءا من الهيئة الناخبة، حتى وإن لم يكن لها أصوات في صناديق الاقتراع.

– إجعل احترامنا للحقيقة أكبر من احترامنا للماضي. ساعدنا على أن نجعل حزبنا في خدمتنا أكثر منه سيّدا علينا.

– إجعلنا ندرك أن لا نفع للنجاح في الانتخابات اذا فقدنا طاقاتنا.

– ساعدنا على أن نكون مستقلين عن الأكثرية الطاغية وعن الأقلية المتعقلنة، اذا لم يكن للحقيقة مكان عند هؤلاء أو أولئك.

– إجعل الصدق وحيا لدوافعنا والعلم نورا لمناهج عملنا.

– ساعدنا على خدمة الجماهير من دون مداهنتها، وإجعلنا نصدّقها من دون الانحناء أمام تطيّرها.

هذه الصلاة أمِل العميد اده سماعها أو إسماعها، في مجلس النواب اللبناني، لكن المنية كانت أسرع اليه من البريد السريع…

أحد مجايلي العميد الراحل سأل: لو أطال الله بعمره حتى اليوم، وشهد ما نشهد من صراعات سياسية، حول قانون الانتخاب وكل ما يتصل بحياتنا النيابية، هل كان فكّر بتكبيد السيدة شدياق هذه المشقّة؟!.