Site icon IMLebanon

بريح بلا بلدية من 1963: استكمال المصالحة؟

لم يعتد أهل السياسة الانشغال ببلدة بريح إلا من جانب التهجير والمصالحة. شغلتهم نوافذ الماضي، وأغلال أبواب المستقبل. شغلهم القلق يوم تقدّم على ما عداه… فعجزت الإمكانات السياسية عن إعلاء حق المواطن بالانتخاب، حتى غدا كل استحقاق بلدي موعداً مع «يقظة مفاجئة» لنزعات قديمة تُطيح «أمل» الحاضر «بسوداويّة» الماضي.

…أمس، تابع أبناء بريح بلداتٍ حجزت بطاقتها في قطار العمل البلدي وبقوا هم على لائحة الانتظار لأكثر من خمسين عاماً، تحديداً من الـ 1963. اليوم بريح تقترع. أخيراً ستقترع. الاستحقاق يعود و «يقظةُ النُزْعَات» ستبقى بعيدةً من بلدة «المصالحة التاريخية» وإن لم يخلُ الأمر من بعض التحديات… لكنه إنجاز بحد ذاته بالنسبة لأبناء بريح، مسيحيين وموحدين دروز، «قد يتخطى برمزيته اللوائح والمرشحين».

6/6… و100 في المئة قلق

في زمن الانتخابات، قاعدة ذهبية ترسخت عند كثر في البلدة: التعايش أولاً. تعايش بصيغة 6/6 للمجلس البلدي المكوّن من 12 عضواً، برئيسِ بلدية مسيحي، نائب رئيس درزي، وبمختار مسيحي وثان درزي. قاعدة التعايش نجحت في اجتذاب الراغبين بالصعود الى قطار المستقبل، وإن لم تخلُ «المحطة الانتخابية» من إصرار البعض على صيغة 7 مقاعد للمسيحيين مقابل خمسة للدروز (7/5)، أخذاً بالاعتبار أن ثلثي أبناء بريح مسيحيون، وثلثاً دروز، «إلا أن لـ 6/6 الغلبة، كون الناخب الدرزي هو الذي يرجح الكفة في هذه الحال، ولمصلحة رؤساء اللوائح السير بها»، كما يقول «مراقب عن قريب» لانتخابات بريح.

لوائح ثلاث

مهلة سحب الترشيحات انتهت… ومبادرات التوافق مستمرة. لم ينسحب أحد. البلدية الأولى بعد المصالحة تُغري الأبارحة. حتى لحظة كتابة هذا النص، كان من الصعب، بصورة ثابتة، جزم اللوائح والمرشحين فيها. اجتماعات اتسم بعضها بالحدّية انعقدت، واتصالات للتهدئة تكثفت. شياطين التفاصيل هنا تفتح شهية الردود والردود المقابلة، وتجنّب التلاعبِ بها حكمة. الثابت، أن التنافس هو بين ثلاث لوائح: أولى يرئسها العميد نبيل حسون، ثانية برئاسة صبحي لحود، وثالثة يرئسها شكر الله كوكباني.

من سيفوز برئاسة بلدية بريح؟ لماذا «هو» وليس «انا»؟ هنا السؤال الأساس. في الأصل كان هناك اكثر من خمسة مرشحين مسيحيين للمنصب. «الكل يريد أن يكون رئيساً.. ووصلنا إلى ثلاثة»، يقول المراقب المسيحي لـ «السفير». اللاعب «الدرزي» أمام التنافس «المسيحي» يحاول أن يوحّد الصف. مساع حثيثة تُخاض للاتفاق على ستة أسماء درزية تكون بمثابة نسخ (copy-paste) على لائحتين من اصل ثلاث، «تحديداً على لائحتي حسون ولحود… ولا شيء نهائياً حاسماً جازماً، نحاول بجد – يقول وكيل داخلية الشوف في الحزب التقدمي الاشتراكي رضوان نصر لـ«السفير» ـ بغية ضمان نجاح صيغة 6/6 ».

التسوية بالخيار صعبة في بريح… وبالفرض خطرة. المخاوف قوية من التشطيب، تحديداً بما يُخل بصيغة التعايش (6/6) علماً أن «ميل المرشح كوكباني هو لإرساء صيغة 7/5 (7 مسيحيين وخمسة دروز)، إنما في ذلك خسارة أكيدة لأصوات الناخبين الدروز المُرجّحِين للكفة». سمعنا ذلك من أكثر من مصدر متابع عن كثب.

…بكثير من الاهتمام والحرص، تُقارب الأحزاب الاستحقاق الانتخابي في بريح. «السفير» سألت «الاشتراكي» و«القواتي» و«العوني». الجميع يحاول أن يبقى بمنأى عن إشهار الدعم المباشر لأي لائحة «نظراً لدقة التوازنات». بريح لا تشبه إلا نفسها. هي معركة «نسعى أن نُعلي فيها التوافق إن أمكن وسنبقى نحاول للوصول إلى لائحة توافقية وإلا فالكلمة للصندوق ولاختيار أبناء بريح باقتراع عائلي ديموقراطي… المهم أن بريح تنتخب بعد كل تلك السنوات، هذا إنجاز»، يقول المتابعون.

المشاركة… والإنماء

أمام معركة بريح، ما المتوقع للمشاركة؟ نسأل والجواب يأتي متفاوتاً: ثمة من يقول إن نسبة المشاركة ستكون كثيفة بمعدل 70 في المئة من الناخبين. ثمة من يتحدث عن 50 في المئة ويتوقع آخرون نسبة 30 في المئة.

وماذا عن الإنماء؟ يبتسم ابن بريح ميلاد الخوري حين نتوجه إليه بالسؤال. سريعاً يجيب: نحتاج الكثير. نحتاج بداية شبكة مواصلات جيدة، فالطرق تتطلع للتعبيد بعد 40 عاماً من الإهمال، كما أن شبكة الصرف الصحي من أبرز الاحتياجات مع لجوء البعض الى حفر «جُوَر صحية» تُهدد بعشوائيتها المياه الجوفية، كما نأمل بمشاريع تُعطي البيئة حقها لناحية الحفاظ على مياه الينابيع، والتشجير وغير ذلك.

اليوم… والأمس البعيد

في بريح ثلاث عشرة عائلة مسيحية، أكبرها عائلة «خليل» تليها عائلة «لحود». أيضاً هناك 12 عائلة درزية أكبرها عائلة «العلي» تليها عائلة «يحيى». عَدّاد سكان البلدة يشير الى الرقم «3993 بحسب إحصاء دائرة النفوس في الشوف»، كما يقول المختار مارون خليل لـ«السفير»، وحكماً هذا الاستحقاق الانتخابي سيكون الأخير لانتخاب 12 عضواً ومختاريْن، وفي المُقبل من الأعوام، سيكون لبريح 15 عضواً وثلاثة مخاتير مع تخطي البلدة عتبة الـ 4000 نسمة. ولمن يسأل عن لوائح الشطب فإنها تُظهر ان عدد الناخبين المسيحيين هو 1556 ناخباً و 1186 ناخباً درزياً.

يستعيد المختار خليل صيغة آخر مجلس بلدي لبريح في العام 1963. يومها كان رئيس البلدية مسيحياً هو حسن شاكر شلهوب، ونائبه مسيحياً أيضاً وهو يوسف قبلان الخوري، وكان المختار درزياً: توفيق جاسر. أما الصيغة السائدة للمجلس البلدي وقتذاك فكانت 5 مسيحيين و3 دروزاً.