IMLebanon

ماذا قصدت بريطانيا بـ”حدودنا أصبحت عندكم”؟

 

تتشعّب الأزمة اللبنانية وتدخل عوامل التدويل في صلب الصراع القائم حتى لو أراد البعض المكابرة وعدم الإعتراف بالواقع المأزوم الذي وصلت إليه البلاد.

 

لا شكّ أن الشق الخارجي من الأزمة يطغى على الداخلي، فربط “حزب الله” لبنان بالمحور الإيراني وسيطرته على الدولة عبر تغطية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لمشروع “الحزب”، من العوامل التي أدّت إلى العزلة الخارجية ومنع تدفق الدولار إلى السوق اللبنانية واستشراس الأزمة.

 

لكن ما كان لافتاً الأسبوع الماضي هو الحركة الكثيفة للسفراء وتحرّكهم لمنع البلاد من الإنهيار الكامل، وهذا التحرّك أتى في عزّ الصدام بين عون والرئيس المكلّف سعد الحريري والذي أدّى إلى غياب أي توافق على تأليف الحكومة العتيدة.

 

وما يحصل الآن من حركة للسفراء مردّه إلى وعي كبير من الدول الفعالة في الملف اللبناني والتي رأت في تدهور الأوضاع الداخلية نذير إنفجار كبير سيضرب المنطقة وستكون تردداته أقوى بمرات ومرات من إنفجار مرفأ بيروت.

 

وأمام هذه الوقائع لا بدّ من العودة إلى الوراء قليلاً والتذكير بما قاله أحد الدبلوماسيين البريطانيين خلال زيارته بيروت، إذ أكّد أمام من التقاهم أن “حدودنا أصبحت عندكم، وأي خضة أمنية ستحصل في لبنان سيصل صداها إلى أوروبا والدول الغربية، ولن ترحم بريطانيا التي تتحصّن خلف البحار”.

 

وتعرف بريطانيا، الدولة ذات الخبرة العالمية الواسعة، أن إهتزاز لبنان هو إهتزاز للمنطقة بأكملها على رغم صغر مساحة هذا البلد لأنه ساحة مفتوحة على الصراعات، وكل جهاز إستخباراتي عالمي له مركز نفوذ، ووضعه أصعب بكثير من سوريا والعراق، فهناك يوجد دول تضبط الأوضاع وقوى كبيرة، لكن لبنان ساحة عالمية لصراع الأجهزة والمصالح.

 

ويضاف إلى تنافس الأجهزة العالمية على أرض لبنان عامل مفجّر لا يرحم وهو وجود أكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري يسهل على أي جهاز إستخباراتي إستعمالهم، وتمركز نحو نصف مليون لاجئ فلسطيني، وهؤلاء سيكونون بمثابة قنبلة متفجرة ستطال شظاياها أوروبا وكل الدول.

 

وهذه العوامل تدفع بريطانيا، مثلها مثل كل الدول الأوروبية للتحرّك باتجاه لبنان وتحفيز القادة على إيجاد حلول، ومنع هيكل الدولة من السقوط، ويترجم البريطانيون هذه المخاوف وعبارة “حدودنا أصبحت عندكم”، من خلال دعم أفواج الحدود البرية التي تنتشر على طول السلسلة الشرقية وصولاً إلى الحدود الشمالية في عكار، وهذا الدعم استراتيجي ولم يتوقف ويُترجم منذ فترة قصيرة بإرسال مزيد من التجهيزات، لأن البريطانيين والأوروبيين يعتبرون أن لبنان هو خط الدفاع الأهم في وجه “داعش” والإرهاب، وتُشكل تقوية الجيش عنصراً مهمّاً في تلك المواجهة.

 

تنطلق بريطانيا والدول الغربية المعنية في التعامل مع الملف اللبناني من باب تأمين المصالح المشتركة وهذا الأمر ينعكس على السياسة والإقتصاد، لذلك فإن تلك الدول تتحرّك لمنع لبنان من الإنزلاق أكثر إلى الجحيم المحتّم، لكن كل ذلك الحراك يجب أن يترافق مع حركة داخلية تؤدي إلى حل الأزمة اللبنانية، وإلا فإن فتيل التوتير حاضر في أي لحظة وممكن ان يفجّر الوضع اللبناني والشرق أوسطي.