Site icon IMLebanon

على بريطانيا دعم أميركا لا «الأوروبي» في الأزمة الإيرانية

 

تضرب جذور الأزمة التي تشهدها منطقة الخليج باحتجاز إيران ناقلة مسجلة في بريطانيا، ليس في إجراءات انتقامية رداً على احتجاز سفينة إيرانية من جانب بريطانيا عند مضيق جبل طارق، وإنما تعود لما أبعد من ذلك بكثير. إننا غضضنا الطرْف عن أفعال إيران الشريرة في مختلف أرجاء الشرق الأوسط على مدار سنوات كثيرة، ما عدّته طهران ضوءاً أخضر يتيح لها تجاهل القوانين الدولية تماماً والنظام العالمي وفعل ما يحلو لها.

منذ خمس أو ست سنوات، عندما اقترحت للمرة الأولى مسألة الدخول في مناقشات حول إبرام اتفاق نووي مع إيران، زارنا في لندن حلفاء محوريون لنا في الخليج لتحذيرنا من العواقب إذا ما ركز الاتفاق فقط على الأسلحة النووية وفشل في أن يأخذ في الاعتبار التصرفات الشديدة الخطورة والمزعزعة للاستقرار التي تمارسها إيران ضد جيرانها. إلا أن الاتحاد الأوروبي والرئيس أوباما في خضمّ استعجالهما لعقد اتفاق مع الإيرانيين اختارا تجاهل هذه المخاوف، وألقيا بها جانباً. وأعرب البعض مثل بنيامين نتنياهو عن تخوفه من أن تشرع إيران، حال شعورها بالقوة (وتمتعها بدعم مالي)، في دعم دول متطرفة أخرى في مساعيها لامتلاك أسلحة نووية. وقد عاينّا بلا شك في السنوات الأخيرة محاولات إيرانية لزعزعة استقرار حكومة البحرين، وهي حليف خليجي محوري للمملكة المتحدة ولدينا قاعدة بحرية دائمة بها.

كما شاهدنا إرسال إيران قوات وأسلحة لدعم نظام الأسد في سوريا الذي ارتكب فظائع وحشية ضد شعبه. ولا تزال إيران مستمرة في تمويل جماعة «حزب الله» وإمدادها بالعتاد، وهي جماعة اخترقت الحدود اللبنانية – الإسرائيلية وهددت أحد أهم شركائنا الاستراتيجيين؛ إسرائيل. وبسبب هذا السلوك العدواني، كان لإيران دور في جعل لبنان بلداً يفتقر بشدة إلى الاستقرار ويتسم بخطورة متزايدة، خصوصاً بالنسبة إلى الأقليات المتنوعة التي تعيش هناك. أيضاً، رأينا كيف موّلت إيران المتمردين الحوثيين في اليمن وأمدّتهم بالسلاح، مما أدى إلى مأساة إنسانية هائلة بالبلاد وإراقة الدماء وإطالة أمد الصراع هناك.

علاوة على ذلك، كُشف النقاب العام الماضي عن أن المغرب قرّر قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران في أعقاب دعم الأخيرة لمنظمة «البوليساريو» في الصحراء الغربية.

تكشف هذه التصرفات عن بلد خارج تماماً عن نطاق السيطرة ويتجاهل بصلف المعاناة التي تسببها أفعاله. وبينما نخرج من الاتحاد الأوروبي ونستعيد استقلالنا وسيادتنا، سنضطلع بدور محوري في التأثير على كيفية تعامل المجتمع الدولي مع مشكلات خطيرة كهذه. وإذا سرنا على نهج الاتحاد الأوروبي الراغب في تجاهل مثل هذه القضايا، فإن احتجاز الناقلة التابعة لنا سيكون مجرّد بداية لمزيد من المشكلات خلال الفترة القادمة. أما إذا سعينا بدلاً من ذلك نحو دعم شركائنا الأميركيين في اتّباع توجّه أكثر نشاطاً من خلال نظام العقوبات، فإننا سنتمكن نهاية الأمر من دفع الملالي في طهران إلى إدراك أن هذا السلوك غير مقبول. وبالنظر إلى انسحاب الرئيس ترمب من الاتفاق النووي الإيراني بسبب المخاوف السالفة الذكر المتعلقة بالسلوك الإيراني، فإن ثمة احتمالاً كبيراً لأن تدعمنا الولايات المتحدة في هذا الاتجاه.

وباعتبارنا الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي تملك قاعدة بحرية في الخليج، نحمل مسؤولية العمل على حماية وتوسيع القاعدة والمعاونة في خلق الظروف المناسبة داخل المنطقة لتعزيز الاستقرار والسلام. ومن خلال تجاهل السلوك الإيراني لفترة طويلة للغاية، أصبحنا اليوم في حاجة إلى إعادة النظر في استراتيجيتنا. لقد جرى إقرار الكثير من «الخطوط الحمراء» خلال السنوات الأخيرة، لكن فيما يخص إيران يجب أن نتأكد من أن خطوطنا الحمراء لن يتم خرقها أبداً.

– نائب بريطاني محافظ عن دائرة شروزبري وأتشام