كانت لبلدة بريتال البقاعية، دائماً، «خصوصية» في أي عملية انتخابية، تنبع من كونها بلدة الأمين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي الذي غرّد بعيداً خارج سرب الحزب وكان واحداً من أبرز قيادييه. لذلك، حرص حزب الله، سابقاً، على تفادي التدخل في استحقاقاتها البلدية. ولكن، على أبواب الاستحقاق الانتخابي المرتقب في 8 أيار المقبل، يبدو كأن شيئاً ما تغيّر: في البلدة حماوة انتخابية لافتة بين لائحة يدعمها الطفيلي، وأخرى عائلية ــــ حزبية
في الساحة الرئيسية لبلدة بريتال مجسّم حديدي للقدس، تعلوه صورة ابن البلدة الشهيد الشيخ خضر طليس. الجدران المحيطة بالساحة تغطّيها شعارات للمقاومة. بريتال تعتبر نفسها «أمّ الصبي»، فمنها، وتحديداً محلة عين البنيّة، انطلقت شعلة المقاومة وغذّتها بعشرات الشهداء الذين تنتشر صورهم من مدخل البلدة الى أحيائها الداخلية.
تستعد بريتال، وهي البلدة الأكبر في شرقي بعلبك، لخوض غمار الانتخابات البلدية والاختيارية، علماً بأن لها «خصوصية» تميّزها عن بقية قرى بعلبك ـــــ الهرمل، ما أدى الى استثنائها، في الدورات الانتخابية الماضية، من اتفاقات حزب الله وحركة أمل، فتُركت لتمارس «ديموقراطيتها العائلية» التي أدت الى فوز لائحة العائلات المدعومة من الشيخ صبحي الطفيلي في الدورات الثلاث الماضية (1998 و2004 و2010) برئاسة عباس زكي اسماعيل، في مواجهة لوائح غير مكتملة في دورتي 2004 و2010، بعدما نال المجلس البلدي مع كل دورة انتخابية ثقة غالبية أبناء البلدة، لنشاطه الإنمائي.
«الاستثناء البريتالي» لن يتحوّل قاعدةً في الاستحقاق البلدي المقبل بعدما قرّر الثنائي الشيعي أن يشمل البلدة باتفاقه الانتخابي. يؤكد ابن بريتال بسام طليس مسؤول الشؤون البلدية والاختيارية المركزي في حركة أمل، أن «تدخل» حزب الله وأمل يهدف الى «رعاية التوافق العائلي في البلدة، لا إلى الدخول في معركة ضد أحد فيها»، موضحاً أن «الرعاية» تتمثل في لقاء فاعليات بريتال وعائلاتها ومجلسها البلدي الحالي «للخروج بتصور واضح. ومن الممكن أن يكون المجلس البلدي الحالي موجوداً مع الرئيس في المرحلة المقبلة، لأن الهدف إنمائي بحت مع مراعاة معايير الكفاءة».
قيادتا حزب الله وأمل كلّفتا الوزيرين غازي زعيتر وحسين الحاج حسن التواصل مع فاعليات بريتال من أجل «لمّ الشمل والإنماء»، بحسب طليس، وخصوصاً أن البعض يعتبر أن البلدة «من دون خيمة، بالمعنى السياسي والإنمائي والخدماتي، رغم تقديماتنا التي سنواصلها، وقد أدخلت في الاتفاق لرعاية الإنماء فيها أكثر، من دون أن يعني ذلك أن المجلس البلدي الحالي مقصّر».
يفوق عدد ناخبي البلدة الـ 9200 ناخب، ويبلغ عدد أعضاء مجلسها البلدي 18، فضلاً عن 13 مختاراً. ويبلغ عدد عائلاتها 23، في مقدمها اسماعيل ومظلوم وطليس وصالح ويونس وسيف الدين وسلهب ومصري ومخ وشحادة وعبدالله ومراد وجعفر ووهبي وغيرها.
هدوء البلدة لا يخفي «حماوة» المشهد الانتخابي بعدما شرع البعض في تشكيل لائحة في وجه لائحة المجلس البلدي الحالي، واتهامه بتلقي الدعم من الطفيلي «الذي لا يتوانى عن إطلاق مواقف غير مقبولة ضد حزب الله». وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي «بيانات انتقادية لكلا الطرفين غير مذيلة باسم محدد، فضلاً عن صور مسيئة». مصادر عائلية وضعت كل ذلك في خانة «الفتنة»، وحمّلت مسؤوليتها لـ»طابور خامس». وأكدت لـ»الأخبار» أن البعض يحاول الإيحاء بأن المعركة الانتخابية عائلية ــــ عائلية، في حين أنها تدور فعلياً بين لائحة عائلات متمثلة بالمجلس البلدي الحالي في مواجهة «فريق يعمل بخطة حزبية، ويعطي وعوداً بمنصب الرئاسة مداورة بين العائلات الثلاث الكبيرة». ولا تنكر المصادر دعم الطفيلي للائحة رئيس البلدية الحالي، «فالشيخ ابن بريتال وله الحق في إبداء رأيه وحرصه على بلديته، رغم أنه لا يقيم في البلدة وإنما في عين بورضاي في مدينة بعلبك».
من جهته، يشدد رئيس بلدية بريتال على أنه «لا علاقة للسياسة بالعمل البلدي»، ويصف ربط الإنماء بالمشاريع السياسية بـ»الخطأ الفادح»، إذ «قد نختلف في الآراء السياسية، ولكن لا يمكن أن نختلف على إنماء البلدة وحاجتها إلى المدارس والمياه والكهرباء والصرف الصحي وباقي الخدمات». ولفت الى أن تجربة العمل البلدي أظهرت أن «اعتماد العمل الحزبي يطيح العمل البلدي ــــ الإنمائي، وخصوصاً أن البلدية تحتاج إلى حرية في القرارات لا أن تعمل على ضبط إيقاع سياسي معين»، مشيراً الى ما تشهده المؤسسات العامة من تعطيل عند أي خلاف سياسي. وأمل اسماعيل أن تجرى الانتخابات في موعدها، داعياً جميع المرشحين الى «التزام قواعد الأخلاق والانضباط منعاً لحصول أية تشنجات والتسبب بأية أذيّة للبلدة وأهلها، على أن يكون التنافس بالخيرات لا بالأسوأ، لأن الأسوأ يقابل بالأسوأ»!