صرلي فترة، كِلّ ما بحضر تلفزيون وبتابع المحطّات المحلّية بحِسّ بمغْص بيتطوَّر أوقات إلى دوخة وطنين بالدَينين… وبعد ما استعملت كِلّ الأدوية يلّي وصفَتلي ياها إم فادي الخياطة، انتبهت إنّو المشكلة من أساسا مش بس بالإعلاميين وبسياسة المحطّات، وإنّما بأكثرية الضيوف يلّي عم يوَسّخو الشاشات بتحليلاتن الصَفرا يلّي بتحِلّ ع كِترة التصوير وبتملغِص الأحاديث السياسية والفنّية والأمنية، وهات إيدَك والحَقني.
يَحوي الإعلام اللبناني المرئي مجموعة من أفضل الإعلاميين العرب، ولكنّه يعاني نقصاً حادّاً في نوعية ضيوفه وخلفياتهم الثقافية، فترى هياكلَ عظمية مرتدية بذلات مكدّسة على مختلف الشاشات ترغي كلاماً من الصباح وحتى المساء بأحاديث «اسيتونية» (من Acetone)، يعني بلا لون، ورائحتُها كريهة وسريعة التبخّر والاشتعال.
معتَّرين الإعلاميين، بدُّن يعبّو هوَا وبيصيرو يجيبو ضيوف عن بو جنب أو يتلقّو اتصالات مباشرة من جهابذة التحليل والتنظير وأكل الهوا، الذين يملؤون البثّ المباشر إرهاباً فكرياً وعقائدياً لا تقدِر على إسكاته إلّا برمي التلفزيون من الطابق الخامس وإلغاء اشتراك الموتور في البرايمتايم.
والأنكى من هيدا كلّو إنّو ضيوف محطاتنا الأعزّاء يفهمون في كلّ المواضيع، إلى درجة أنّ أحدهم حدّد مباشرةً على الهواء كمّية الكراويا الضرورية لطبخة المغربية قبل أن يناقض قرار حَكم الزيح في هجمة تسلّل على مرمى منتخب ايسلندا في الوقت بدل الضائع، واستأذنَ مضيفَه قبل الإعلان لتحديد وزن العبوة ونوع المتفجّرات على خصر الانتحاري.
يا حبيبي، بما إنّو الاقتصاد بلبنان واقف، والبلد بحاجة إلى كلّ أشكال المداخيل الإضافية، فينا بكِلّ سهولة نبلّش تصدير المنَظّرين والمحلّلين إلى الدول العربية والغربية ونِقبض ثمن ثقافتُن التلاتِة بواحد، أو يمكن حتى العشرين بواحد… اسمالله عليُن متخصّصين بكِلّ شِي الشباب، بالفوتبول والباسكتبول والسياسة وعِلم الذرّة وجراحة أعصاب الدماغ وحشي الفوارغ بمنقرة الكوسا…
لا يخلو بلدنا من الأحداث الأمنية والخضّات السياسية والمهرجانات الفنّية، يعني لدينا كلّ المواد الأوّلية الضرورية لتشغيل البرامج الحوارية والمداخلات التلفزيونية… ولكنّنا لسوء الحظ لا نستضيف الأشخاص الذين يمتلكون الخلفية الضرورية لتغطية الحدث بكلّ ما هو ضروري مِن معطيات تاريخية وجغرافية وثقافية، وعوَضاً عن ذلك منِستناوَل أوّل جهبوذ يجيب على هاتفه ونأتي به لتجَشُّؤ كلّ ما تحت كرافاتتِه مباشرةً على وجوه المشاهدين.
وحتى إذا كان وزير داخلية سابق، شو خصّو يِحكي بالوضع الاقتصادي؟… وإذا كان سفير بأهمّ دوَل العالم، شو بينفعنا نِسمعو عم يحكي عن خطط الإنماء وتوليد الطاقة…؟ وأكتر من هيك، عندَك الضيف الذي يدخل الاستديو على أساس محلّل سياسي وبيصير بدّو يعطي رأيو بنظام كريستيانو رونالدو الغذائي وأفضل طرق تفكيك العبوات في المولات والفنادق… استِحو بقا ألله ياخِدكن.
ما في حدا بالعالم بيِشتري خِضرة مِن عند الفرّان، ولا في حدا بيجيب لحمِة من عند الحلّاق، طيّب ليش الإعلاميين في لبنان يفشَلون 9 مرّات في الأسبوع في اختيار ضيوفِهم بطريقة صحيحة ومفيدة، وليش بياخدو رأي الإعلامي الفنّي بتصويت البريطانيين على الخروج من الاتّحاد الاوروبي، وليش بيستضيفو طبيب مسالك بولية تيحلّل هجمات الإرهابيين بجرود القاع.
مع احترامنا إلى بعض إعلاميّينا وعدم احترامنا إلى غالبية ضيوفهم، يجب أن يتّخذ أحد خطوات تصعيدية لتحسين مستوى الضيوف وثقافتهم وخلفياتهم، أو على الأقلّ اختيار الضيف المناسب للحديث المناسب… لأنّ هناك الكثير منهم الذين يسبّبون للمشاهد عوارضَ شبيهة بكريزا المرارة أو الزايدة وحتى السكتِة القلبية… ومِن هنا وجبَ الاهتمام بعناية فائقة بصحّة المواطنين الجسدية والنفسية وحتى الفكرية.
مسؤولية الإعلامي لا تقلّ أهمّيةً عن دور الكاهن والشيخ وحتى أستاذ المدرسة، ولهذه الأسباب يحرَّم عليه إستضافة شبيبة التبييض والتحليل وأكل الهوا، لأنّو التلفزيون مِش غسّالة… أو شو؟