فيما هيئة الحوار تتلهى في عين التينة بالبحث عن جنس الملائكة
بروجردي يوجّه رسائل تؤكّد على إمساك طهران بالورقة اللبنانية
تعتبر المصادر في 14 آذار أن زيارة المسؤول الإيراني استفزّت كل اللبنانيين، لا سيما التي دلّت على تناقض في الموقف الإيراني والهروب من مسؤولية إيران في استمرار الأزمة الرئاسية
رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي، غادر لبنان بعد جولة واسعة من اللقاءات مع مسؤولين وقيادات لبنانية، تخللها تصريحات للضيف حملت عدّة رسائل إلى اللبنانيين، وإلى كل من يعنيهم هذا البلد ويحرصون على أمنه واستقراره وسيادته ووحدة أراضيه، وقد انشغلت الأوساط السياسية، ولا سيما منها الفريق الاستقلالي المسمّى 14 آذار بتحليل هذه الرسائل التي جاءت مع انعقاد هيئة الحوار الوطني من أجل البحث عن مخرج مقبول لأزمة الاستحقاق الرئاسي التي بات بقاؤها على حالها ومن دون مخرج تشكّل خطراً داهماً ليس على النظام القائم وحسب وإنما على الكيان برمّته.
ومع انتهاء زيارة الموفد الإيراني وتصريحاته ورسائله التي تتنامى مع كل زيارة لمسؤول إيراني إلى بيروت في وتيرة فصلية تكاد تكون شهرية الشكوك لدى الفريق الاستقلالي المناهض لسياسة إيران وحلفائها في الداخل حول أهداف الزيارات غير المعلنة والمفاجئة في معظم الأحيان، خصوصاً أن أيّاً منها لم يحمل حتى الساعة جديداً على رغم امتلاك طهران مفتاح حل أزمة رئاسة الجمهورية منذ ما قبل الفراغ في أيار عام 2014 ورفضها تسليمه لمن يفتح باب قصر بعبدا في الداخل أو حتى في الخارج. مع انتهاء هذه الزيارة المفاجئة أيضاً والتي لم يبلغ بها المسؤولون اللبنانيون قبل حصولها كما تقتضي العلاقات البروتوكولية بين الدول رأت مصادر في قوى 14 آذار بأن نكهة محطته اللبنانية هذه المرة ربما تكون مختلفة عمّا سبقها ليس لجهة الإفراج عن الرئاسة المسجونة في مكاتب حليف إيران حزب الله ما دام أعلن في مجمل مواقفه أن الاستحقاق شأن داخلي يُحل من خلال توافق اللبنانيين في ما بينهم، وأن بلاده لا تتدخّل في شؤون لبنان الداخلية بل من زاوية وصفتها هذه المصادر بأرذل الأوصاف إن لجهة تصنيف لبنان بالبلد المقاوم والممانع أو بتعمّد الإمعان في ضرب علاقاته مع الدول العربية الشقيقة خصوصاً المملكة العربية السعودية من خلال توجيه سهامه إليها من السراي الحكومي بالذات في رسالة أراد عبرها القول أن لبنان في الجيب الإيراني وأن مساراته وتوجيهاته تقررها طهران وليس أي مسؤول لبناني مهما علا شأنه، وان لجهة قوله قبل مقابلة رئيس الحكومة بأن بلاده مستعدة للتدخّل من أجل حل أزمة الاستحقاق الرئاسي في لبنان إذا ما طلب منها ذلك ورجوعه عن هذا التعهد عندما طلب منه رئيس الحكومة السيّد تمام سلام مساعدة بلاده، بحكم ما لها من تأثير على حلفائها، أي على حزب الله لإنجاز هذا الاستحقاق من أنه سيطرح الموضوع على حكومته.
وقد سألت المصادر في 14 آذار عن سر صمت المسؤولين اللبنانيين عن مثل هذا الكلام الذي يصنّف لبنان دولة ممانعة ومقاومة في الوقت الذي اتفق فيه جميع اللبنانيين بمن فيهم حزب الله المقاوم على تحييد لبنان عن الصراعات في المنطقة، وسألت هذه المصادر أين الصوت اللبناني الرسمي في مواجهة محاولات إيران الدؤوبة تصنيف نفسها وكيلاً شرعياً على لبنان الذي يرفض أن يصنّف نفسه دولة مقاومة وممانعة وثمّة إجماع بين اللبنانيين على ذلك ما عدا حزب الله الذي وقّع على إعلان بعبدا وما لبث أن سحب توقيعه ووصف الإعلان المذكور بأنه حبر قد جفّ وورقة ليس لها أية قيمة إلزامية.
وتعتبر هذه المصادر أن زيارة المسؤول الإيراني هذه استفزّت كل اللبنانيين، ولا سيما القوى السيادية التي كان يُفترض بها أن تردّ على الرسائل التي بعث بها هذا المسؤول، لا سيما تلك التي دلّت على تناقض في الموقف الإيراني بل على الهروب من مسؤوليتها عن استمرار الأزمة الرئاسية الداخلية حيث أنه أعرب من جهة عن استعداد حكومته للتدخّل من أجل حل هذه الأزمة إذا طلب منها ذلك وتراجعه عن هذا التعهد عندما طلب منه الرئيس سلام مساعدة بلاده لحل الأزمة الرئاسية بإحالته هذا الطلب إلى حكومته، وبين هذا وذاك مجاهرته صراحة ومن دون أي اعتبار للأصول الدبلوماسية بأن لبنان دولة مقاومة وممانعة، مما يدل صراحة على أن إيران تصرّ على الإمساك بلبنان ورقة تستخدمها في مفاوضاتها الدولية وبما يتلاءم مع مصالحها ومطامعها في المنطقة وليست على استعداد للتخلي عن هذه الورقة إلا بعد أن تقبض الثمن المطلوب.
ولفتت مصادر قوى الرابع عشر من آذار إلى ضرورة التعمّق في درس وتحليل المواقف التي أطلقها بروجردي خلال إقامته القصيرة في لبنان لكي يُبنى على الشيء مقتضاه بدلاً من التلهي في جلسات الحوار التي تُعقد في قصر عين التينة في البحث بجنس الملائكة في الوقت الذي تُجاهر فيه إيران عبر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى بأنها تُمسك بالورقة اللبنانية ولن تتخلى عنها إلا إذا أجمع كل اللبنانيين على الطلب منها التدخل للمساعدة على حل الأزمة الرئاسية وباقي الأزمات العالقة بين سندان حزب الله.