يُفترض انعقاد جلسة نيابية، اليوم الأربعاء، لبحث ملف النازحين السوريين. وأهم بنودها يقضي بضبط الحدود البحرية والبرية، وذلك بتفويض المؤسسات الأمنية، وتحديداً الجيش اللبناني مهمة الضبط. ما يقطع الطريق على النزوح غير الشرعي، وعلى أمور أخرى تحصل عند هذه الحدود، وأهمها ما يتعلق بالمخدرات التي باتت باباً من أبواب تمويل الجهاد المقدس.
لذا كان من الواجب تصويب البوصلة في الاتجاه المعاكس، عشية الجلسة، وجاءت التعليمات من رأس الهرم الممانع لقاطع الطريق على تقديم طروحات عملية لملف النازحين السوريين، وعلى أي دراسات لجدوى اقتصادية، أو اجتماعية، أو أمنية، أو سياسية تتعلق بكلام علمي من فوق السطوح عن واقع النزوح وما يخلفه إن على اللبنانيين أو السوريين.
ببساطة، وبغية تمييع المسألة، فليبادر مجلس النواب الى تشكيل لجنة تراعي «الميثاقية» بالطبع، وتزور الدول التي تعارض عودة النازحين لتحميلها المسؤولية، ومطالبة الولايات المتحدة بإلغاء قانون قيصر وأوروبا بإلغاء العقوبات»، وأيضاً إلغاء المساعدات… ووفق مبدأ البلطجة، تماماً كما هي الحال مع تهديد الحوثيين للملاحة الدولية، فلا بأس بأن «نحصل على إجماع لبناني على فتح البحر أمام النازحين السوريين بإرادتهم بدلاً من تعريضهم للخطر عبر الرحيل بطرق غير شرعية، وهذا يحتاج إلى غطاء وطني»، أو إلى «رضوخ وطني»، لا فرق… وربما قد نسمع اقتراحات عن اعتراض السفن التابعة للدول المتواطئة على النظام الأسدي وخطفها حتى يتم رفع العقوبات وتمويل إعادة الإعمار، وبعد ذلك وليس قبله، يصار إلى فتح ملف عودة النازحين. بالتالي، المطلوب أن يجتمع ممثلو الشعب ليبصموا على ما رسمه الحاكم بأمر الاحتلال الإيراني على لبنان.
صحيح أنّ عملية البصم ستشوبها بعض الأصوات المعارضة والرافضة للطرح الذي أعلنه صراحة الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصر الله، لكن ما قُرِّر قد قُرِّر، ومن عمل وفق خطة ممنهجة لتهجير السوريين من أرضهم وأرزاقهم لأسباب سياسية وديموغرافية، ليس في وارد تسهيل عودتهم، وتحديداً لأن الخطة لا تقتصر على سوريا وإنما تتمدد إلى لبنان، بحيث يستمر العبث الديموغرافي الرامي ثقله على الوضع اللبناني، والمساهم في الانهيار الحاصل بالتزامن مع الحرب السورية، أيضاً في إطار السيناريو الإيراني لترسيخ نفوذه على الدول التي صادر سيادتها وتمكن من إدارتها بفضل أذرعه.
فالمطلوب كان ترحيل السوريين إلى ربوعنا، والنظام الأسدي أعلنها صراحة، وقال إن التخلص من هؤلاء الذين كان يجب قبعهم هو الخطوة الصحيحة. وكل ما تعاقب منذ تغيير صيغة الثورة وإدخال التطرف الداعشي عليها كان لتنفيذ السيناريو المطلوب، إن مع جرف قرى بكاملها أو من خلال العبث بالسجلات الرسمية ومطالبة النازحين بإثبات ملكياتهم، أو بطرد أصحاب الأرض واحتلال البيوت والأحياء سواء في ريف دمشق، أو حلب، أو حمص، أو القصير، أو غيرها من قبل عناصر الميليشيات التي تحمي النظام الأسدي.
بالمختصر، كل ما أراده رأس المحور الإيراني من هذا الملف، إن في سوريا أو في لبنان، كان ولا يزال يسير في الاتجاه المرسوم، حتى جاءت بدعة المليار يورو، وحتى استنفر النظام الأسدي مطالباً لبنان بحمل لوائه والدفاع عن حقوقه «المشروعة» في مؤتمر بروكسل المقبل… وعكس ذلك هو مؤامرة لبنانية على سوريا الأسد.
وبالطبع، فرض الاحتلال الإيراني على لبنان التجاوب مع الحقوق «المشروعة» لنظام البراميل المتفجرة وإبادة المدنيين، فتم تكليف وزير الخارجية عبدالله بو حبيب بحمل اللواء وهو «قدها وقدود»، وانسحب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من المشاركة في المؤتمر ولسان حاله يقول: «واللي شبكنا يخلصنا».