IMLebanon

«هلّلو…. لبنان»  

 

 

بلدٌ تقرّ موازنته بأصوات 49 نائباً فقط لا غير، «من وين بدو يجيه الخير»… بلد وزير خارجيته السابق يغرّد بعين كاسرة بعد ست سنوات أمضاها في وزارته «سوا اشتغلنا وسوا انجزنا»، ولا يخجل أنّه يغادر منصبه ولبنان في قطيعة غير معلنة مع الدول العربيّة، ومحشور في زاوية من العالم العربي، ويتوقع أن تركّعه أميركا بالمزيد من العقوبات التي ستقوده إلى الإفلاس، كلّه في سبيل أن يفرضه حزب الله رئيساً للجمهوريّة حتى لو كلّف ذلك لبنان انهيار الجمهوريّة!!

 

وبلدٌ، يُقال فيه وبالفم الملآن، نحتاج إلى 5 أو 6 مليارات (وكأنّ فارق المليار لا قيمة له في عين الماليّة اللبنانيّة) وأنه «في حال لم تصل هذه المبالغ فإن الوضع في لبنان، سيكون اشد وطأة من دولة مشرفة على الافلاس»، ويمنحون اللبنانيين فرصة شهر بالكثير حتى مطلع شهر آذار، «كتّر خيركن والله»، الحمدلله أنّ شباط هذا العام 29 يوماً، ربحتم 24 ساعة زيادة للحؤول دون انهيار البلاد على رؤوسنا!!

 

وبلدٌ، يقال لنا فيه أنّ الضائقة ستكون كبيرة جداً وأنها ستلامس الدواء وتهدّد صحة المواطنين ورواتب الموظفين والعسكريين  الى جانب عدم قدرة الدولة على تسديد الالتزامات الداخلية والخارجية» مع تذكيرنا بأنّ الكارثة لن تحمد عقباها، ومع هذا نشاهد فيه مجلس نواب بات مشكوكاً في شرعيّته الشعبيّة يقرّ موازنة للبلد بـ 49 صوتاً فقط، وينام رئيس مجلسه النيابي في مبنى البرلمان متهرّباً من مواجهة المتظاهرين منذ السابعة صباحاً، وهو أدرى بأن موكبه المرافق قد يرتكب مجزرة في هكذا لحظة، ويختصر عدد النواب المتكلمين، فيما النواب خائفين من مواجهة الشعب في الشارع لأنّه هدّدهم بصريح العبارة برميهم في مستوعبات النفايات، هذا بلد «متعوب عليه» أكثر مما كنا نتصوّر بالاستهتار بشعبه ومصيره!

 

لن تعود عقارب الساعة في لبنان إلى الوراء فالثورة فعلت أكثر مما تصوّرته الطبقة السياسية الوقحة، وبالرّغم من كلّ عيوبها وتراكيبها وملاحظاتنا عليها هذه الثورة تنتظر إندفاعتها الثانية التي ستكنّس كل هذا اليباس والعفن السياسي عن وجه المشهد اللبناني، هذا الاستخفاف باللبنانيين وبعقولهم لن يمرّ، خصوصاً عندما يظنّ هؤلاء أنّهم بإمكانهم أن «يفشخوا» عن كلّ ما حدث، «واسعة كتير ما هيك»!!

 

إن استمرار اللاعبين السياسيّين في هدر الوقت الضاغط على اللبنانيين بشكل لم يشهدوه حتى في إيام الحرب الأهلية، التي يترحّم بعض اللبنانيّين  بحسرة على أيامها، مردّدين «صحيح كان حرب بس كان في مصاري، إنّ استمرّ الوضع بهكذا مهازل لن يلبث الشارع أن ينفجر بفوضى عارمة، خصوصاً مع حال القلق التي يعيشها اللبناني يومياً على لقمة عيش أولاده وغدهم، كلّما قرأ اللبناني جملة من نوع «الأزمة ستلامس الدواء وتهدّد صحة المواطنين ورواتب الموظفين والعسكريين» يصاب بالذّعر، أي غدٍ ينتظر الإنسان الخائف وأي شياطين تعبث برأسه!

 

قديماً قال ابن هانىء الأندلسي: «ألا كلُّ آتٍ قريبُ المَدى»، ما يحدث مناورة سياسيّة ماكرة تحاول الالتفاف على عزيمة الشباب اللبناني، وعلّقوا آمالكم كلّها على جيل الثّورة، هذا الجيل الذي لم يخف من ضربة عصا ولا من تكسير خيمة ولا من اعتقال ولا من البربريّة التي أرادت تخويفه لـ»يكشّ» ويختبىء في منزله، مثلما خاف ذووه من قبله، هذا جيل إرادة وإبداع، جيل واثق من نفسه ومن وطنه، وقد أخذ قراره بإنقاذ لبنان من براثن عقود مضت حوّلته إلى مزرعة، ولا تزال تريده مزرعة لها ولأبنائها فقط، وليذهب الشعب اللبناني إلى الجحيم.

 

ميرڤت السيوفي