Site icon IMLebanon

المجلس يتحضّر: الموازنة لن تمر بسهولة

 

فيما تعود كلمة الفصل في مشروع الموازنة الى المجلس النيابي، إلا انّ أجواء الفوضى والغموض التي واكبت إقرار الموازنة معدّلة في مجلس الوزراء أمس الاول، لا تبشّر بالخير، ولا توحي بأن المشروع سيصل بسلاسة الى اللجان النيابية ببنود متّفق عليها مسبقاً من قبل الاحزاب الممثلة في الحكومة والبرلمان.

تلوح في الأفق اجواء مواجهة في ملف الموازنة، شبيهة بالمعركة التي خاضها النواب عند مناقشة خطة حكومة حساب دياب الاصلاحية. ومن المرجّح ان تندلع المعركة مجددا في المجلس النيابي لدى مناقشة موازنة 2022. اجراءات مختلفة تم اعتمادها لزيادة الايرادات وخفض العجز من 10 آلاف مليار ليرة الى 7 آلاف مليار ليرة. ورغم ان تلك الاجراءات لا تزال غير واضحة، إلا انه أصبح معلوما ان «لا كهرباء ولا اتصالات ببلاش» بعد اليوم، وان الرسوم الجمركية والضرائب على سعر صرف منصة صيرفة، وان البن والشاي والسلع الغذائية الاساسية والادوية معفية من تلك الرسوم.

في المقابل، طرح رئيس الجمهورية ميشال عون خلال جلسة مجلس الوزراء عدم دفع فوائد على الديون الداخلية لمصرف لبنان والمصارف أسوة باليورو بوندز، مشيرا الى «ان مشروع الموازنة خصص للنفقات على الفوائد 7600 مليارات ليرة، منها 1200 مليار ديون طويلة المدى لمؤسسات دولية، و 6400 مليارات فوائد للمصارف ومصرف لبنان، مع العلم ان مشروع الموازنة لم يلحظ فوائد على اليورو بوندز». ورأى عون انه يُفترض «توزيع مبلغ الـ 6400 مليارات لتمويل عجز الكهرباء بدلا من السلفة الملحوظة، والباقي لزيادة معاشات للقطاع العام». معتبرا ان «هذا الاجراء يخفف العجز في الموازنة ويلغي سلفة الخزينة ويخفف الاثار التضخمية».

في هذا الاطار، اوضح وزير الاتصالات جوني القرم لـ«الجمهورية» انه تم خفض النفقات بشكل رئيسي من خلال اعادة جدولة خدمة الدين العام والدفعات السنوية، مما ادّى الى خفض العجز الى نسبة 16 في المئة بعد إزالة السلفة المخصصة للكهرباء من مشروع الموازنة. مشيرا الى ان ما اقترحه الرئيس عون هو ضمن البنود التي تم الاتفاق عليها لخفض النفقات والعجز.
واشار الى ان الوزراء خلال القسم الاخير من جلسة الحكومة كانوا منشغلين بالاطلاع على موازنة وزاراتهم المعدّلة، وبالتالي «لم نتمكن من مناقشة الصيغة المعدّلة لمشروع الموازنة ككل بشكل كامل، وقد وعدنا وزير المال بأنه سيرسل لنا التفاصيل لاحقاً».

واعلن قرم انه سيتم عقد جلسات خاصة تباعاً لموضوع الكهرباء والاتصالات والنفايات، شارحاً ردّاً على سؤال انه سيتم خفض فواتير الاتصالات الى الثلث (33%) على ان يتم تسعيرها بالدولار وتسديدها وفقا لسعر صرف منصة صيرفة، أي ان الفاتورة التي تبلغ اليوم 100 دولار (على سعر الصرف الرسمي) سيتم خفض قيمتها الى 33 دولارا، ويتم تسديدها على سعر صيرفة لتصبح حوالى 690 الف ليرة، وبالتالي سيصبح دولار الاتصالات مسعّرا على سعر صرف الـ6500 ليرة بدلا من 1500 ليرة حاليا.

وبالنسبة للدولار الجمركي، قال القرم ان التوجّه نحو احتسابه على سعر صرف صيرفة، مع اعفاء المواد الغذائية والادوية والمعدات الطبية التي لا توجد صناعة محلية مرادفة لها من الرسوم الجمركية، لافتاً الى ان الحكومة أعدّت دراسة حول هذا الموضوع أظهرت ان رفع الدولار الجمركي سيؤمّن ايرادات للخزينة بقيمة 16 الف مليار ليرة، مستندة بذلك على قيمة الواردات في العام 2021 والبالغة 11 مليار دولار.

ولكن وسط التوقعات بعدم بلوغ الواردات في العام 2022 المستوى نفسه الذي بلغته في العام 2021 بسبب ارتفاع الاسعار وتراجع حجم الاستهلاك، رَدّ القرم انه وفقاً لتوقعات البنك الدولي ووزارة المالية، فإنّ نسبة النمو في العام 2022 ستبلغ 0,6 في المئة، «وبالتالي في حال تحقق ذلك، تكون البلاد قد بدأت الصعود من القعر، علماً اننا نحتاج الى وقت طويل للتعافي، ولكننا نكون قد أوقفنا التدهور والنزيف الحاصل».

صندوق النقد
وبالنسبة الى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أكد القرم انها لم تفشل وليست سلبية كما يشاع، بل ان هناك عملا وجهدا كبيرا يجب انجازه قبل الانتخابات النيابية بالاضافة الى ضرورة اقرار الموازنة. من جهته، أشار صندوق النقد الدولي إلى إحراز تقدّم في محادثاته مع لبنان، مشدّداً في الوقت نفسه على الحاجة إلى «عمل معمّق» للتوصّل إلى اتفاق على خطة دعم تنقذ هذا البلد من أزمته الاقتصادية والاجتماعية الكارثية.
واوضح المتحدّث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس خلال مؤتمر صحافي «انّ المحادثات تتقدّم بشكل جيّد، لكنّ الفترة المقبلة تتطلّب عملاً معمّقاً»، مشيرا الى ان المحادثات «متواصلة»، لكنّ المهمّة ستنتهي نهاية الأسبوع الجاري.
أضاف: «سنواصل تعاوننا الوثيق لمساعدة السلطات على إعداد برنامج إصلاحي يهدف إلى معالجة الصعوبات الاقتصادية والمالية في لبنان».