IMLebanon

مشهد سياسي ومالي جديد سيرتسم بعد إقرار الموازنة

 

 

تقرأ مصادر ديبلوماسية في بنود مشروع الموازنة للسنة الحالية الذي أقرّه مجلس الوزراء، أكثر من امتحان أمام الحكومة، كما أمام المجلس النيابي «الممثَّل» فيها، وأمام الناخبين في كل المناطق من دون استثناء، والذين سيردّون على ما ورد فيها من ضرائب غير مباشرة، من خلال صندوق الإقتراع في الإنتخابات النيابية المقبلة، في حال حصلت في موعدها المقرّر في أيار المقبل. وتكشف هذه المصادر، عن العديد من التحفّظات والملاحظات لدى عواصم غربية متابعة للتطوّرات الحاصلة على الساحة اللبنانية، وفي مقدّمها العاصمة الفرنسية، على غياب الإصلاحات كما الإستثمارات فيها، والتركيز فقط على زيادة الإيرادات المالية للخزينة من خلال رفع الرسوم والضرائب على المواطنين الذين يواجهون أزمة مالية وإقتصادية واجتماعية، هي الأخطر في العالم منذ سنوات.

 

وتكشف المصادر الديبلوماسية نفسها، عن أن مشهداً سياسياً ومالياً جديداً قد يرتسم على الساحة الداخلية بعد إقرار الموازنة العامة بصيغتها الحالية في المجلس النيابي، مشيرةً إلى أن رفع سعر الدولار الجمركي بهدف رفع منسوب الإيرادات الجمركية، لن يشكّل الحلّ المطلوب، بل على العكس، فمن المتوقّع أن يؤدي إلى نتيجتين مباشرتين:

 

ـ الأولى: زيادة عمليات التهريب، وبالتالي تراجع حجم الإيرادات التي حدّدتها الحكومة الحالية، متوقّعةً أن تزداد نحو 15 ضعفاً.

 

ـ الثانية: تراجع حركة الإستيراد من الخارج.

 

وبالتالي، وبالحديث عن الأهداف المتوخاة من زيادة الضرائب والرسوم، كالدولار الجمركي على سبيل المثال وليس الحصر، كما تضيف المصادر نفسها، فهي تلفت إلى ترابط، ولو غير مباشر، ما بين الموازنة والخطة الحكومية للتعافي المالي والإقتصادي، والتي تعتمد الأسس ذاتها بالنسبة إلى تحميل اللبنانيين المسؤولية المباشرة عن الخسائر المالية التي نتجت عن «الموازنات» السابقة على امتداد السنوات الماضية، والإمتناع عن أية إصلاحات أو خطط دعم إجتماعية، والتي ستدفع باتجاه ترحيل الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، على الأقلّ لبضعة أشهر مقبلة.

 

وعليه، فإن كل الإجراءت المقترحة في مشروع الموازنة العامة، لن تؤدي سوى إلى زيادة نسبة إفقار اللبنانيين على مختلف انتماءاتهم، الذين سبق وأن خسروا ودائعهم الموجودة في المصارف، كما قدرتهم الشرائية، ومن دون أن تبادر الحكومة إلى اعتماد أية خطة للتخفيف من حجم خسارتهم، لا بل على العكس، فإن الموازنة الحالية، والتي تفتقد إلى الإصلاح، وفق ما يطرح وفد صندوق النقد في كل جلسات النقاش والمباحثات مع الوفد الوزاري اللبناني، والتي انتهت بالأمس، ومن دون أية مؤشّرات على حصول تقارب أو بداية توافق على نقاط مشتركة، تسمح بالتطلّع إلى تفاهم على برنامج تمويل من الصندوق للبنان.

 

وبحسب المصادر الديبلوماسية ذاتها، فإن وصف الموازنة بالـ «تصحيحية»، لا ينطبق على الواقع الفعلي في بنودها، وإن كان رئيسها نجيب ميقاتي، تحدث عن «زيادات مقبولة في الرسوم»، ولكن من دون المبادرة نحو الحدّ من عمليات الهدر أو الفساد أو التهرّب الضريبي، وذلك، كون المجتمع الدولي كما صندوق النقد، قد نقلوا إلى رئيس الحكومة في أكثر من مناسبة، ملاحظات حول الهدر والفساد والإصلاح، لأن البقاء على النهج نفسه، يعني استمرار مناخ عدم الثقة المحلية والدولية تجاه الحكومة، وبالتالي، السلطة السياسية.