IMLebanon

أي موازنة نريد؟

 

فيما يشتدّ الخناق على رقاب الشعب اللبناني «الطيّب» تنبري هذه السلطة إلى طرح موازنة قائمة فقط على زيادة الضرائب والرسوم على المواطن الذي فَقَدَ كل مقوّمات العيش الكريم بعد أن خَسِرَ عمله وهُدِرَ ماله وجنى عمره وأصبح بدون أيّ ضمانة مستقبلية.

 

ويتنصّل الجميع من المسؤولية، من رأس الهرم حتى أسفله، في وقاحة ما بعدها وقاحة فَيُطْلَب من المعدوم أن يَهِبَ جِلدَه للوالي بعد أن أُخِذَ منه كلّ ما يملك.

 

ذَكَّرني كلام الرئيس ميقاتي الذي قال فيه، بعد إقرار الموازنة في مجلس الوزراء في القصر الجمهوري،»أعرف أنّ الوضع صعب لكن علينا أن نتحمّل بعضنا»، ذكّرني بالقصّة التالية: يُخبِرون عن عاملٍ بسيطٍ يعمل عند ربّ عمل مُقابل طعامه اليوميّ فقط. جاءه رجلٌ يعرض عليه أن يعمل لديه. قال العامل في سرّه، انتظرت كثيراً لأعمل بظروف أفضل وهذه أمنيتي سوف تتحقّق الآن. قَبِل العامل أن يعمل عند ربّ عمل جديد. فسأله الرجل الجديد كم تُريد أجرك الشهريّ أيّها العامل؟ أجابه العامل أنت قُل يا سيّدُ وأنا أُنفّذ. قال الرجل: كم تقبض شهرياً من ربّ عملك الحالي؟ أجابه العامل: أعمل مقابل أن يطعمني معلّمي كلّ يوم. قال الرجل: لا، أنا لست قادراً على ذلك، هذا كثير. أُعرُضْ عليّ خياراً آخر. قال العامل بخجل: لا تزعل يا سيّد أصوم لَكَ يومين في الأسبوع !!

 

هذه هي حالنا مع حُكّامنا المُتخَمين بما ارتكبت أيديهم بحق خزينة الدولة والمال العام الذي هو ملك جميع اللبنانيين. هم يزدادون ثراءً وفحشاً ونحن نزداد فقراً ونكبة وعلينا أن نُشبِع جوع نهمهم الذي لا يشبع.

 

كم خاب أملنا بربّان السفينة فهو إمّا فاقد القدرة أو الرغبة أو الإثنتين معاً ولم نعد ننتظر شيئاً منه في آخر ولايته. فها هو يتخلّى عن الخط ٢٩ بعد أن هزّ عصاه سابقاً متوعّداً ومؤكّداً أنّه لن يتخلّى عن نقطة ماء من بحر لبنان. وقد صُدِم رئيس الوفد العسكري بموقف رئيس الدولة الحالي فَعَبَّر عن غضبه الشديد على صفحات الإعلام.

 

وها هي مدعّي عام جبل لبنان توقف الملاحقة القانونيّة بحق حاكم مصرف لبنان بعد أن تمّ التشهير به «على صنوبر بيروت» كما يقال. وها هو وزير العدل المحسوب على رئيس الجمهورية يُعارض مدّعي عام جبل لبنان بموضوع ملاحقتها شركة «المكتّف» لنقل الأموال.

 

«حدا فهم شي؟ مش ضروري نفهم، حُكَّامنا بيفهموا عنّا.»

 

في العودة إلى الموازنة فإننا باسم الشعب اللبناني المقهور، وبكلّ جديّة وقناعة نعرض عليكم موازنة الإنقاذ المالية والاقتصادية للخروج من جهنّم.

 

١- الإلتزام بالدستور اللبناني وبالقرارات الدولية والخروج من صراع المحاور وإعادة الثقة بين لبنان ومحيطه العربيّ، خاصة الخليجي، لإعادة دورة الاستثمارات والسياحة ما يُدخِل المال النظيف إلى خزينة الدولة.

 

٢- إجبار كلّ أركان الطبقة السياسيّة من رؤساء، وزراء، نوّاب، مديرين عامين..، ورجال أعمالها ومتعهّديها ونافذيها وحاكم مصرف لبنان وأصحاب المصارف والمساهمين فيه والمديرين… إلى إعادة أموالهم جميعها التي أخرجوها من لبنان منذ العام ٢٠١٥ حتى اليوم من أجل أن يُصَدِّق باقي اللبنانيّين والأجانب ويثقوا أنّ لبنان على طريق التعافي الاقتصادي.

 

٣- إقفال كل معابر التهريب الشرعية وغير الشرعية تحت أيّ عذر أو مُسمّى، وإقفال معامل الكبتاغون والمخدّرات كلّها.

 

٤- إسترداد قيمة فرق البضائع التي هُرّبت إلى سوريا من التجّار والمهرّبين الذين قاموا بهذا العمل على حساب المودع اللبناني وسياسة الدعم الظالمة. (هؤلاء التجّار والمهرّبون معروفون بالاسم الثلاثي والعناوين وأرقام الهواتف.)

 

٥- إستدعاء جميع مكاتب الدراسات والمتعهدين الذين عملوا مع وزارات الدولة اللبنانيّة ومؤسساتها وصناديقها للتحقّق من تطابق دفاتر الشروط مع ما نُفّذ من مشاريع وإذا كان ما استلمته مؤسسات الدولة صالحاً للاستعمال أو ذهبت الأموال سدى، كمشاريع محطات التكرير والبنى التحتيّة والسدود وتنظيف مجاري الأنهر وغيرها، وإعادة التأكّد من الكلفة واسترجاع الأموال التي هُدرت على كلّ عمل غير ناجح.

 

٦- التأكّد من آلاف الرواتب التي يتقاضاها متوفّون منذ عشرات السنين.

 

٧- التأكّد من عدد الموظفين الوهميّين في الدولة الذين يتقاضون رواتب دون حضورهم إلى مراكز عملهم واسترجاع ما قبضوه على مدى السنين.

 

٨- ترشيق الإدارة العامة ومكننتها وتخفيض موظفي الدولة، في الأسلاك غير العسكريّة والأمنيّة والاستشفائيّة، إلى النصف.

 

٩- زيادات فعليّة على رسوم بدل التعدّيات على الأملاك النهريّة والبحريّة غير المرخّصة.

 

١٠- إخلاء جميع المباني التي تستأجرها الدولة ومؤسساتها واستعمال المباني المملوكة منها حالياً، وإذا دعت الحاجة تُنشأ أبنية جديدة لصالح الدولة على ممتلكاتها.

 

١١- إعادة كامل قيمة المبالغ التي أخذت على أساس أنها ضمانة (أي خمسمائة دولار عن كل خط خليوي) ولم تعد إلى المواطنين، لتخفيض فاتورة اشتراك الخليوي على المواطن.

 

١٢- إعادة بيع مباني شركات الخليوي التي تمّ شراؤها بعشرات ملايين الدولارات لتغذية صناديق هذه الشركات.

 

١٣- إلغاء أو دمج المؤسسات المستقلة، التي لا عمل ولا دَوْر لها، ببعضها البعض.

 

١٤- إخضاع المناطق اللبنانيّة جميعها والشركات جميعها والمواطنين كافّة، مهما علا أو تواضع شأنهم، إلى دفع الرسوم كلّها من ماء وكهرباء وميكانيك وضرائب لا أن يكون هناك أناس يدفعون وأناس محميّون يتهرّبون.

 

هذه عيّنة متواضعة عن كيفيّة إعادة الثقة وإعادة النهوض بشعبي المنهوب، وبوطني المنكوب، فهل في هذه الطغمة من يقرأ هذا المكتوب ؟