IMLebanon

التفاهم المُسبق في الحكومة على الموازنة لن يصمد في البرلمان

 

 

على وقع السجالات والحملات السياسية على خلفياتٍ إنتخابية ومالية وإدارية، تنطلق عملية مناقشة مشروع قانون موازنة العام الجاري في المجلس النيابي، حيث من المتوقع ووفق أوساط نيابية بارزة، أن يشهد هذا المشروع عملية مراجعة شاملة في لجنة المال والموازنة، وستكون لكل الملاحظات الأولية التي أبدتها أطراف سياسية وحزبية وهيئات إقتصادية على أبرز ما ورد في الموازنة من أرقام وزيادات غير مسبوقة على الرسوم، وبالتالي على حجم الضرائب الخطير الذي تتضمنه هذه الموازنة، تأثيراً فاعلاً على عملية إقرارها.

 

وفي الوقت الذي عمد أكثر من وزير في العلن أو في الكواليس، إلى تسجيل تحفظه على أرقام الموازنة، تؤكد الأوساط النيابية، أن الإنطباع الأول لدى العديد من النواب، هو رفض الزيادات “الفلكية” للضرائب التي جعلت من الموازنة باباً لتأمين الموارد المالية، ولكن من دون أية دراسة مسبقة لكيفية تمكين المواطنين من الصمود في ظل الظروف الراهنة، وحيث تجاوزت نسبة المواطنين الذي لامسوا حدود الفقر عتبة 83 بالمئة، وفق التقارير الصادرة عن هيئات دولية حول الواقع الإجتماعي للبنانيين في العام الماضي. وتُضاف إلى هذا الواقع، أجواء الفوضى والغموض التي كانت واكبت الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء والتي أقرّت فيها الموازنة، والتي بدورها توحي بصعوبة سلوك هذا المشروع السبيل السريع نحو الإقرار في اللجان النيابية في الأسابيع المقبلة.

 

وبالتالي، فإن ما كان متفقاً عليه على طاولة مجلس الوزراء من تفاهم على أبرز بنود مشروع الموازنة، كما تكشف الأوساط النيابية نفسها، سوف يسقط في المجلس النيابي، ما سيفتح الباب أمام مواجهة واسعة النطاق في ساحة النجمة، لأن تمرير موازنة بعجزٍ مرشح بان يتجاوز الـ40 بالمئة، سيكون مهمة شبه مستحيلة أمام صندوق النقد الدولي، بصرف النظر عن الترددات الخطيرة التي ستنجم عن الضرائب الواردة فيها على مستوى عيش اللبنانيين الذين فقدوا أي قدرة على التحمّل.

 

وعليه، فإن الكتل النيابية البارزة، بدأت تعدّ العدة للمواجهة المقبلة مع الحكومة، وإن كانت غالبيتها ممثّلة في الحكومة وشاركت في مناقشة الموازنة، ولم تبد أية معارضة تُذكر على الخطوط العريضة فيها وفي مقدمها، رفع الدولار الجمركي إلى عشرين ألف ليرة. ومن المرجح في هذا الإطار، أن تتحول الموازنة، إلى مادة للمزايدات الإنتخابية، من قبل كل الأطراف التي ستخوض المعركة عبر الإعلام وعلى الشاشات للدفاع عن حقوق “الناخبين”، عبر استعراض حرصهم على المصلحة العليا، في الجلسات العلنية التي ستبدأ قريباً.

 

وفي خضم موجة الإنتقادات التي لا تزال مستمرة منذ يوم الخميس الماضي، فإن الأوساط النيابية البارزة، لا تجزم بإمكانية إقرار مشروع الموازنة، على الأقل وفق صيغتها الحالية، خصوصاً بعدما تظهّرت ملامح وحجم الضرائب التي أثارت حالاً من الإستنكار والغضب الشديدين في الشارع، ما دفع أطرافاً سياسية عدة إلى محاولة “التنصّل” من المشروع.