بدءاً من اليوم، ستكون الموازنة على مشرحة مجلس الوزراء الذي سيعقد جلسات متتالية، لبحث تفاصيلها وما يتصل بالإجراءات التي سيجري التوافق عليها لخفض عجزها، على أن تجري إحالتها إلى مجلس النواب في مرحلة لاحقة، تمهيداً لمناقشتها وإقرارها بصيغتها النهائية، بما يساعد على انتظام المالية العامة، استجابة لمطالب الدول المانحة التي وضعت شروطاً على لبنان لتسهيل حصوله على أموال مؤتمر «سيدر»، ودعوته إلى شد الأحزمة قولاً وفعلاً، بالنظر إلى المخاطر التي تتهدده في حال لم يلتزم بتعهداته للمانحين.
ويشكل إقرار الموازنة التحدي الأبرز أمام الحكومة بعد تأخير لما يقارب الثمانية أشهر، ووسط تحديات اقتصادية ضاغطة على لبنان تستدعي ضرورة توفير الدعم السياسي اللازم للخطوات التي تنوي الحكومة القيام بها، في ما يتعلق بالخطوات الإصلاحية المنوي اتخاذها، سيما بالنسبة لوسائل ترشيق الموازنة والحد من ارتفاع مصاريف الدولة، في ظل تزايد المخاوف لدى الرأي العام من أن تعمد الحكومة إلى فرض ضرائب جديدة تطال الطبقات الفقيرة التي تهدد بالعودة إلى الشارع، رفضاً لاستهدافها وزيادة الأعباء المعيشية عليها، بعد حديث عن خفض رواتب القطاع العام ورفع الضريبة على القيمة المُضافة، وإقرار زيادة على أسعار المحروقات.
لكن، وبحسب ما كشفته أوساط وزارية لـ«اللواء»، فإن كل ما يذكر في وسائل الإعلام بشأن الضرائب الجديدة، لا يعدو كونه تخمينات وتحليلات لا تستند إلى أي معطى واقعي، طالما أن مجلس الوزراء لم يقل كلمته على هذا الصعيد، بانتظار جلسات مناقشة مشروع الموازنة الذي أعده وزير المالية الأسبوع الحالي، حيث ستكرس الحكومة الوقت الكافي لتشريح المشروع ومراجعته بالشكل المطلوب، على أن يحصل توافق بين جميع المكونات الوزارية، في ما يتعلق بالإجراءات المنتظرة لخفض العجز، باعتبار أن رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال عون وسعد الحريري، يسعيان لتأمين التغطية السياسية المطلوبة لأي إجراء سيتخذه مجلس الوزراء، مشيرة إلى أنه من غير المستبعد أن يتم اللجوء إلى خيارات صعبة، ستجد الحكومة نفسها مضطرة لاتخاذها، لكنها ستعمل قدر المستطاع على تفادي استهداف الطبقات الفقيرة.
وأشارت إلى أن التركيز ينصب على البحث في سبل التصدي لمزاريب الهدر واستباحة المال العام والتهرب الضريبي، بما يحسّن من واردات الدولة ويكف أيدي عصابات التهريب، دون استبعاد أن يكون هناك خفض بنسبة معينة للرواتب العالية، وفق دراسات يعمل على قراءتها بشكل متأن، دون أن تمد اليد على الرواتب المتدنية، بالنظر إلى الظروف الصعبة التي يمر بها اللبنانيون، لكن لا يجب الاستهانة بالأوضاع المالية الدقيقة للبنان، والتي تستوجب معالجة استثنائية كي لا يغرق المركب بالجميع، محذرة في الوقت نفسه من أي توجه للعرقلة لأن ذلك لن يكون في مصلحة أحد، وسيزيد من أزمات البلد ويؤخر الحلول المطلوبة لإنقاذ الوضع المالي للدولة.
وفي هذا السياق، أكدت أوساط نيابية لـ«اللواء»، أن مجلس النواب سيتصدى لأي محاولة لفرض ضرائب على الشرائح الفقيرة خلال مناقشة الموازنة في المجلس، بعد تأكيدات رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، على أنه لن تكون هناك ضرائب على الفقراء الذين لا يمكن أن يدفعوا الثمن في كل مرة، وبالتالي فإن هناك مجالات عديدة يمكن أن تحصل الدولة واردات مالية من خلالها، وهذا ما على الحكومة اعتماده بعيداً من جيوب الطبقات المعدمة، مشددة في الوقت عينه على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار لوضع المالية العامة الصعب، ما يحتم تفهم الإجراءات التي ينبغي القيام بها، دون أن يعني ذلك استهداف ذوي الدخل المحدود، وإنما يجب أن يكون لدى الحكومة الجرأة على الضرب بيد من حديد على مكامن الخلل التي تحرم خزينة الدولة حقوقها المالية منذ عشرات السنين.