IMLebanon

«المنطقة العازلة» باتت عند الاسرائيلي عملياً ولا مقترحات للحل

 

بات واضحاً من مواقف مسؤولي وإعلام الكيان الاسرائيلي انّه يعيش تحت ضغط غير مسبوق عسكرياً وسياسياً منذ بدء مواجهات «طوفان الأقصى» وامتداده إلى جنوب لبنان وغيره من ساحات مواجهة في البحر الاحمر والجولان، بحيث يستشعر المتابع للمجريات انّ الأزمة التي يعيشها الكيان أثّرت بشكل كبير على جبهته الداخلية الى حدّ الانهيار شبه الكلي، بخاصة في ضوء المعلومات الميدانية من داخل الكيان عن حجم الاستعدادات العسكرية والطبية والمعيشية والاقتصادية لمواجهة حرب طويلة قد تتوسع لاحقاً إذا بقي الدعم والإسناد الغربي قائماً له، واذا لم تستمع حكومة الحرب الاسرائيلية «لنصائح الاصدقاء والحلفاء الغربيين» بوقف الاندفاعة العسكرية المجنونة او على الاقل تخفيف حدّتها الى الحدّ الادنى.

في ما خصّ جبهة لبنان، تشير تقديرات الإعلام والخبراء وحتى المستوطنين في الكيان الاسرائيلي، الى ما يعتبرونه خطراً داهماً يتمثل في مقولة «انّ اسرائيل كانت تسعى الى اقامة منطقة عازلة في جنوب لبنان تحمي الجيش والمستعمرات والمستعمرين. لكن ما حصل هو العكس، حيث أُقيمت المنطقة العازلة داخل الشمال (الفلسطيني) وبعمق من 5 الى 7 كيلومترات، وهي مرشحة للتزايد في ضوء العمليات التي يقوم بها «حزب الله» واستهداف المنازل والبنى التحتية والإنتاج الزراعي والصناعي». ولعلّ اكبر اشارة الى هذا الموضوع تتمثل في نقل المستوطنين من الشمال الى الوسط في حيفا او ما قبلها بقليل وما بعدها.

 

اما الأزمة السياسية الأعمق التي يعانيها الكيان حول «جبهة الشمال» فتتمثل بعدم فعالية تهديداته واعتداءاته اليومية العنيفة على القرى والمدنيين، وطروحاته وشروطه السياسية، بالتأثيرعلى موقف «حزب الله» مما يُطرح حول مساعي تهدئة الجبهة وتراجع قواته الى خطوط خلفية بالعمق، والتحضير لمفاوضات تثبيت الحدود البرية، وهو عملياً «اللاموقف»، بما يزيد من حيرة وقلق الاسرائيلي، بإستثناء إعلانه أن لا وقف للعمليات العسكرية قبل وقف الحرب الاسرائيلية على غزة. عدا إعلان قيادة الحزب السياسية استعدادها للحرب التي تلوّح بها اسرائيل، منذ 9 تشرين الاول الماضي. اي بعد يوم واحد من عملية «طوفان غزة»، حيث دخل الحزب في المواجهات العسكرية على جبهة الجنوب!

 

لكن مصادر مطلعة على موقف الحزب تقول لـ «الجمهورية»: انّ كل الموفدين الذين زاروا لبنان لم يحملوا مقترحات محدّدة او آلية تفصيلية حول الحلول لمسألة الحدود البرية، بل عرضوا افكاراً عامة للنقاش حول امكانية تراجع قوات الحزب الى ما وراء نهر الليطاني او 7 كيلومترات شمالاً، الى جانب بذل المسعى لتثبيت الحدود ونقل تهديدات اسرائيلية بحرب مدمّرة ، نقلها الرئيس نجيب ميقاتي، عندما التقى الرئيس الفرنسي، ونائب رئيس المجلس الياس بو صعب، عندما التقى هوكشتاين، وكان جواب الحزب انّ الحديث بالتفاصيل ممكن لكن بعد وقف العدوان على غزة. اما اذا ارادوا الحرب فالحزب مستعد لها «ومن دون أسقف»، كما قال السيد حسن نصر الله. وهذا الردّ يبدو انّه فرمل اندفاعة اسرائيل لعدم قدرتها على شنّ حرب واسعة ضدّ لبنان نظراً للأعباء التي يمكن ان تترتب عليها.

وعدا القلق الاسرائيلي وفشل التلويح «بحسم الامورعسكرياً في جبهة الشمال إن لم تنفع الدبلوماسية خلال فترة قريبة»، كما يقول قادة الكيان، ثمة قلق اميركي من فشل المسعى الذي تقوم به الادارة مع الجانبين اللبناني والاسرائيلي، عبّر عنه اكثر من مسؤول في الادارة، ما دفع الى تكثيف حركة الموفدين على اعلى المستويات الى بيروت وتل ابيب، لكن الأجوبة لدى الطرفين كانت هي ذاتها. في اسرائيل «أعطونا مهلة لحسم الوضع في غزة»، وفي بيروت «لا كلام قبل وقف العدوان على غزة». وامام ذلك، لم تفلح الادارة الاميركية في محاولات استرضاء لبنان «بوعود» حول تثبيت الحدود البرية لعدم توافر اي خطوات جدّية او تعهدات من قِبل اسرائيل، ومحاولات استرضاء اسرائيل بوعود حول تهدئة الجبهة ووقف عمليات الحزب لعدم ردّ الحزب على كل المبادرات. ذلك انّ سبب المشكلة ما زال قائماً وهو الحرب على غزة، وبقاء «ربط النزاع» حول الاراضي اللبنانية المحتلة قائماً، لا سيما بعد اضافة لبنان الى مطالبه بمعالجة مشكلة نقاط التحفظ على الخط الازرق، وضرورة البتّ في مصير مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وخراج بلدة الماري، وحق لبنان فيها.