«لقاء الأربعاء» عند الرئيس نبيه بري، في عين التينة، كان أمس أحد أهم اللقاءات المماثلة، لأنّ رئيس المجلس حرص على أن يظهّر الصورة حول المسألتين الساخنتين المطروحتين في هذه المرحلة، ولأنّ كلاً منهما تشكل مادة تجاذب حاد وهما تشكيل الحكومة ودعوة سوريا الى قمة بيروت. وبالتالي فإنّ الخلاصة التي تظهر ذاتها بذاتها، من كلام بري هي أن الحال سوداء.
هكذا ببساطة تُفهم (أو تقرأ) الرسائل التي أراد دولته إيصالها الى مًن يعنيه الأمر. وأول المعنيين بالأمر الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل الذين تبلغوا أن تشكيل الحكومة (المتراجع أصلاً) تراجع مجدداً من درجة «في خبر كان» الى درجة فعل ماضٍ ناقص! أجل: ماضٍ وناقص! ما يعني أننا وصلنا الى ما دون الصفر والعودة الى الصفر في مسألة التأليف هي أيضاً من تعابير الرئيس بري، وبكلام آخر بات يصح فينا القول الشهير للصحافي الكبير المرحوم رشدي المعلوف (الذي نقتبسه مرات في هذه الزاوية): «لم نعد نخشى السقوط لأنه لم يعد تحتنا تحت»!
والأسباب الموجبة لهذا الهبوط تكمن في ما عاد دولته فأوضحه: المقترحات التي جرى تداولها أخيراً «لم يكن لها نصيب من النجاح».
واضحٌ أن المقصود هو ما تضمنته من أفكار كل من المبادرات الثلاث «المتآلفة» في ما بينها: مبادرة الرئيس ميشال عون، ومبادرة مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والمبادرة – الأفكار الخمسة التي طلع بها الوزير جبران باسيل أخيراً.
تشاؤم الرئيس نبيه بري لم يقف عند هذا الحدّ، على خطورة ما وصل اليه… بل تجاوزه الى التمهيد لنعي قمة بيروت التنموية الاقتصادية، وأقله الى حد النصح بتأجيلها، شارحاً السبب بقوله: «في غياب وجود حكومة، ولأنّ لبنان يجب أن يكون علامة جمع لا علامة طرح، ولكي لا تكون هذه الحكومة هزيلة، يتوجب تأليفها».
تأتي هذه النصيحة – التحذير في وقت قطعت الاستعدادات شوطاً بعيداً في إنجاز الترتيبات التمهيدية، اذ إن أفرقاء العمل المكلفين مهمات إعدادية قد أتموا المهام الموكلة إليهم على أكمل وجه. وقبل كلام الرئيس بري بأربع وعشرين ساعة كان قصر بعبدا قد أعلن أنّ كل شيء بات جاهزاً لاستقبال القمة ومباشرة أعمالها في أجواء طبيعية.
ماذا سيكون موقف الرئيس ميشال عون من هذا الاقتراح اللافت في مضمونه وتوقيته؟! الجواب عند فخامته… علماً أنّ الرئيس بري انخرط في المسألة البارزة جداً على هامش القمة وحولها، عندما أكدّ على «ضرورة مشاركة سوريا» في القمة. ومعلوم أنّ هذه المسألة هي مدار خلاف وطني كبير لا مجال للدخول في حيثياته مجدداً.
وبعد،
أمام هذا الواقع هل ثمة أمل، لا يزال ماثلاً، في التوصل الى حل لعقد تشكيل الحكومة في القريب؟!
وأيضاً: ما هو مصير القمة التي «تنبأ» لها بري بأنها ستكون هزيلة؟!