IMLebanon

“استئساد” إيران في اليمن

حالت الحملة العسكرية التي تقودها السعودية دون سقوط اليمن كلياً في أيدي الحوثيين، وتالياً في حضن ايران. لم تترك لها التطورات خيارات أخرى غير الحرب. فاوض الحوثيون على مبدأ: خذ وطالب. ما لنا لنا، وما لكم لنا ولكم. كم أعلنوا التزامهم الإتفاقات ثم استهتروا بها؟ لم يكترثوا للمبادرة الخليجية وللقرارات الدولية. استثمروا في شعوبية الرئيس السابق علي عبدالله صالح ونياته الدفينة للثأر. راهنوا على “الإستئساد” المتزايد لايران في المنطقة العربية في موازاة ما تخوضه من “حملة استلطاف” عالمياً.

ليس هذا بجديد على ايران التي تخلصت من زمان من عقيدة الإمام الراحل آية الله روح الله الخميني وشعاره تصدير الثورة الإسلامية. صدها عدوان الرئيس العراقي السابق صدام حسين. غير أنها ظلت تسعى الى النفوذ في بلدان الأكثريات والأقليات الكبيرة من الشيعة. أدت سياساتها الى إشعال الكثير من الحرائق والأزمات في العراق وسوريا ولبنان والبحرين وأخيراً اليمن. رفعت صوت الشيعة من غير أن ترفع المظالم عنهم ومن غير أن تنتشلهم من براثن القهر والفقر والحرمان. لم تتغير الأحوال البائسة في غالب الأحيان. لم يؤد “الحضور” الايراني المتزايد الى أي نهضة على رغم ما تزينه الخطب الرنانة من انتصارات تلو انتصارات.

لا عاقل يضرب في الغيب. ولكن لو سمح للحوثيين وأنصار علي صالح بالسيطرة على اليمن، ما كان هذا البلد ليصير “جنة عدن”. الأرجح أنه كان سيغرق مجدداً في صراعات قبلية (جنوبية – شمالية) وطائفية (شافعية – زيدية). كانت ايران ستكرس بلا شك حضوراً استراتيجياً عند باب المندب بالإضافة الى وجودها الطبيعي على أبواب الخليج.

لا تفعل ايران كل هذا بـ”القوة الناعمة” ولا حتى بـ”حملة استلطاف” نحو العرب، على غرار ما ترتجيه ممن كانت تسميه سابقاً “الشيطان الأكبر”.

تأمل في التوصل، بحلول نهاية حزيران المقبل، الى اتفاق مع “مجموعة ٥ + ١” للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين الى ألمانيا، يسمح لها باستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية حصراً. ويضمن رفع كل العقوبات الدولية والأميركية عنها. استخفت طويلاً بعقوبات مجلس الأمن حتى صارت قارصة. ها هي تستخف الآن بالقرارات الخاصة باليمن، علماً أن آخرها الرقم 2216 أعطى ضمناً غطاء إضافياً دولياً للسعودية وحلفائها الذين أعلنوا أنهم تحركوا بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وما توفره من حق الدفاع عن النفس.

بـ”عاصفة الحزم” وما تلاها حتى الآن من “إعادة الأمل” تعلن السعودية أنها تتصرف ضمن هذه الموجبات. لن تسمح بأن يكون “استئساد” ايران بوضع خنجر يمني في خاصرتها ولو طالت الحرب.

أما اليمن، فلن ينجو من هذه الجحيم إلا بالعودة الى ما توافقت عليه الفصائل والقبائل اليمنية المختلفة على أسس المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشركة الوطنية.