جلسات الحكومة مطوّقة بطموحات عون الرئاسية وتعيين صهره لقيادة الجيش
الإستقواء بصفقة النووي يقابله خلط أوراق في اليمن واستنزاف إيران بسوريا والعراق
الجهود والوساطات والمساعي لتذليل العقد والصعاب التي تعترض إعادة العافية إلى الحكومة وجلسات مجلسها لم تصل إلى تفاهمات أو مخارج أو حلول!
ينفي مصدر سياسي بارز التوصّل إلى أي تفاهمات أو مخارج معقولة لتحقيق انفراجات على صعيد الوضع الحكومي تمهد الطريق لإعادة انتظام جلسات مجلس الوزراء وانطلاق قطار الحكومة ولو بالحد الأدنى لتسيير أمور الدولة الملحّة وتلبية مطالب المواطنين الضرورية، بسبب استمرار وزراء «التيار الوطني الحر» بافتعال العراقيل وطرح التفسيرات والاجتهادات المناقضة للدستور وسعيهم الحثيث لتكريس بدع وأعراف غير دستورية كأمر واقع، تارة بحجة المحافظة على حقوق المسيحيين وتارة أخرى لتحقيق ما يسمى بالمشاركة، ولكن الهدف الحقيقي من وراء كل ذلك هو تعطيل عمل الحكومة حتى إشعار آخر ولحين القبول بتلبية المطالب العونية الخاصة وفي مقدمتها الموافقة على انتخاب زعيم «التيار العوني» النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية وتعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش، وإذا استمر رفض القبول بهذه المطالب، فإن الأمور ستأخذ منحى آخر وذلك من خلال الدفع باتجاه إعادة النظر بدستور الطائف والبحث بصيغة سياسية جديدة كما صدر ذلك على لسان زعيم «التيار العوني» النائب ميشال عون الذي وصل إلى حدود المطالبة باعتماد صيغة الفيدرالية علناً وبلا مواربة للرد على خصومه السياسيين الذين يرفضون رفضاً قاطعاً إنتخابه لمنصب الرئاسة الأولى.
وفي اعتقاد المصدر السياسي المذكور فإن اندفاع وزراء «التيار العوني» في تصدر مهمة العرقلة والتعطيل وتأجيج الجو السياسي لمجلس الوزراء لم يكن ليحصل لولا التأييد الضمني والملحوظ لحزب الله لهذا النهج السلبي برغم بعض الإشارات والايحاءات المغايرة التي تصدر بالواسطة ولكنها لا تقدّم ولا تؤخّر في الأمر شيئاً، ولأن هذا الواقع يحمل في طيّاته استمرار النظام الإيراني بمنع أي حلول أو تحقيق اي انفراجات في الأزمة السياسية القائمة بلبنان جرّاء التعطيل المتعمد من قبل تحالف «حزب الله» و«التيار العوني» للانتخابات الرئاسية منذ أكثر من سنة بالرغم من إنجاز صفقة النووي الإيراني مع الدول العظمى، وربما يستمر هذا الواقع لأشهر طويلة ريثما تتكشف تفاصيل المقايضة التي يمكن ان تطرحها طهران امام الولايات المتحدة والغرب عموماً لتفرج عن الأزمة السياسية القائمة في لبنان مقابل ما ستحصل عليه في سوريا، نفوذاً ميدانياً أو في أي تركيبة حاكمة يمكن ان تتولى مقاليد السلطة بعد رحيل نظام الأسد الذي ما يزال مستمراً بدعم واضح من النظام الإيراني وبقرار من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل على حدٍ سواء كما هو معلوم للقاصي والداني على حدٍ سواء.
ويكشف المصدر النقاب عن ان كل ما يقال عن جهود ووساطات ومساعي لتذليل العقد والصعاب التي تعترض إعادة العافية إلى الحكومة وجلسات مجلس الوزراء لم تصل إلى تفاهمات أو مخارج حلول للتأزم الحكومي الحاصل، بل كلها بقيت في إطار تبريد المواقف السياسية وتهدئة الأجواء السياسية قدر الامكان تمهيداً لإعادة جمع كل الأطراف تحت سقف الحكومة في أجواء مؤاتية، لأن التصعيد في حال استمراره يُهدّد بتعطيل الحكومة بالكامل ويهدد بادخال لبنان بالفراغ الدستوري والسياسي بعدما تمّ تعطيل انتخابات الرئاسة بقرار إيراني من قبل ومن ثم تعطيل المجلس النيابي تحت شعار وعناوين مفربكة من هذا الطرف أو ذاك.
ويستبعد المصدر السياسي البارز ان يحقق التعطيل العوني المفتعل لجلسات مجلس الوزراء أي مكاسب لوصول زعيم «التيار العوني» النائب ميشال عون لمنصب الرئاسة الأولى برغم كل الانعكاسات والتداعيات السلبية لأسلوب التعطيل على عمل الحكومة وانتاجيتها عموماً، لأن انتخابات الرئاسة تخضع لموازين قوى محلية وإقليمية ودولية تتخطى رغبة ووزن «التيار العوني» وحليفه «حزب الله» وهذا ما اظهرته وقائع وظروف الانتخابات الرئاسية السابقة التي جرت في ظل اعتداءات ميليشيا «حزب الله» وبدعم واضح من «التيار العوني» على القوى المناهضة لها في بيروت والعديد من المناطق اللبنانية ومن ثم تمّ التفاهم على انتخاب رئيس جمهورية من خارج الأطراف السياسية المتصارعة كحل وسط مقبول من الجميع.
اما محاولة الترويج العوني للاستقواء بالتوقيع على صفقة الملف النووي الإيراني كمؤشر لوصول عون لسدة الرئاسة الأولى باعتبار ما حصل مؤشراً لانتصار تحالف طهران – حزب الله الذي ينتمي إليه عون إن كان من خلال توقيعه على ورقة التفاهم المشهورة مع الحزب والتي لم يتم تنفيذ عبارة واحدة منها وبقيت حبراً على الورق أو بالاستمرار في تأييد ممارسات الحزب باستعمال السلاح على هواه وضد خصومه في الداخل أو بالحرب السورية وغيرها وخلافاً للدستور وكل الأنظمة والقوانين اللبنانية، فهذا الترويج غير واقعي لأنه يتناقض كلياً مع موازين القوى السياسية الداخلية التي لا تميل لمصلحة تأييد عون للرئاسة استناداً لما أفرزته انتخابات المجلس النيابي الأخيرة ولأن موازين القوى الإقليمية والعربية أخذت منحى آخر بعد عملية «عاصفة الحزم» العربية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، وتهالك النظام الاسدي في سوريا وغرق النظام الإيراني في حرب استنزاف ليس في سوريا وحدها بل في العراق واليمن أيضاً.