ما تابعناه بالأمس من استهتارٍ تام واعتداء صارخ على القوى الأمنيّة التي تحمي لبنان من انفلات الشارع، يحتاج إلى مواقف جدّية أكثر من ذلك في التعاطي مع «الغوغاء» الذين استعرضوا عضلاتهم بالأمس عبر الشاشات، شاتمين لاعنين غاضبين نردّدين «يسقط حكم العسكر» من دون أن يتنبّهوا إلى أننا لسنا تحت حكم عسكري، وأن عنصر قوى الأمن الداخلي وقوات مكافحة الشغب تقوم بواجبها وعلى أعلى مستوى درجات الانضباط، لكن ما لم يعد مقبولاً أن تُستباح كرامة القوى الأمنيّة في الشارع وأن تبقى أصوات المتحسرين على ما يحدث للقوى الأمنية صامتة، تنأى بجانبها عن اجتياح «حراكٍ» مشبوه، وتلتزم الصمت إزاء ما يحدث، كأنّ اللبنانيين لم يتعلّموا أنّ أحداً لن يحمي لبنان سواهم، فعلى ماذا يتفرجون، وهل طاب دور الصمت لهم، المطلوب من اللبنانيين الذين «عرفوا» الحجم الحقيقي للغوغاء الذين تكاثروا كالفطر السّام ويحتلون الشوارع ، فرأوهم في لحظة واحدة يعتدون على القوى الأمنية بمنتهى قلّة الأخلاق، ثم جبناء خائفين يوسعون ضرباً من مناصري الرئيس نبيه بعدما شتمه المتظاهرون، هؤلاء انقسموا فجأة ليصبح المشهد بين شارعيْن، شارع تُهان فيه الدولى وقواها الأمنية ومصدر هيبتها، وشارع أرعنٌ أخذ حقّه بيديه من هؤلاء الغوغاء إلى حدّ لم يعودوا يتجرّأون معه على ذكر اسم الرئيس نبيه بري على الشاشات، ولا ترديد هتافات تطاله بالفساد أو الشتائم!!
الخطأ فيما نراه، هو تعامل الحكومة والقوى الأمنيّة بقفازات وحذر وصبر موصوف مع هؤلاء، فجأة يصرخ «الغوغاء» عبر الشاشات لقد ألقوا القبض على «قاصر» ، هنا علينا أن نتساءل: هل أصبح مصير لبنان لعبة في أيدي القاصرين، وفي حالة هؤلاء ألا يستوجب الأمر استدعاء ذوويهم ليتسلمّومهم بعد التعهد بعدم تركهم في شوارع الشغب، فهذا القاصر مكانه في المدرسة لا في شغب الشوارع، ولن نسمح للقصّر أن يسلبونا أمن الوطن ككلّ، ولا أمن بيروت!!
يدين اللبنانيّون باعتذار كبير لقوى الأمن الداخلي من القيادة حتى الأفراد، فرداً فرداً، عن كلّ ما يتعرّضون له من إهانات في لحظة هم يقومون فيها بأداء واجب وطني مقدّس، ويدين هؤلاء الغوغاء باعتذار لقوى الأمن ومكافحة الشغب نفسها التي أهانوها وتعرّضوا لها، ثم استنجدوا بها لتنقذهم من ضرب مبرح أشبعوه بعد شتمهم للرئيس نبيه بري!!
حان الوقت لـ «تفريق» هذا المشهد، حدّدوا لهم بقعة يتظاهرون فيها حتى يشبعون من التظاهر،أوقفوا هذه المهزلة، أو اتخذوا قراراً جريئاً بمنع النقل المباشر حتى لا تسقط هيبة الدولة على مرأى من أعين الشعب اللبناني، فقلة الأدب والأخلاق أمراض معدية وتنتشر أكثر وأسرع من الأوبئة!!
ميرڤت سيوفي