IMLebanon

حرق السفارة في عوكر لا يحرّر غزة

 

 

نعم كل مواطن وكل عربي وكل لبناني وكل العالم مع الشعب الفلسطيني.. وضد ما يقوم به الاسرائيليون بحق الشعب الفلسطيني.. ولكن هناك سؤال: هل حَرْق أو تخريب أو تكسير السفارة الأميركية في عوكر، أو الاعتداء على أي رمز من الرموز التجارية الاميركية يمكن أن يعيد فلسطين الى الفلسطينيين؟

 

لو كانت أمورٌ كهذه تُعيد غزة وتنصر شعبها، وأهلنا في فلسطين، لكان هذا الأمر جيداً، ولكن الأمور لا تعالج بهذه الطريقة.

 

الحقيقة ان هذه الأعمال تسيء لنا كلبنانيين كشعب، وإلى جميع العرب وبالأخص الى الشعب الفلسطيني.

 

إنّ كل الناس مع التظاهر، ولكن الكثيرين منهم لا يؤمنون بالعنف.. إذ لا يوجد مواطن في العالم إلاّ وعنده رفض أو قبول لأي موضوع… فكيف إذا كان الموضوع ارتكاب أكبر جريمة في هذا العصر؟

 

من الطبيعي ان الذي يجري في فلسطين الحبيبة من ذبح لشعب، وتدمير للحجر، واغتيال للبشرية، وإلغاء لأمة إسلامية ومسيحية حيث تتعايش الديانتان مع بعضهما البعض بكل محبة وتعاون.

 

فلسطين كانت من أهم الدول في العالم العربي، ويكفي ان نسبة المتعلمين عند الشعب الفلسطيني هي من أعلى النسب في العالم كله، وليس فقط في العالم العربي.

 

اليوم ترتكب إسرائيل أبشع عملية إلغاء للشعب الفلسطيني وعملية محو مدينة غزة من الخارطة.

 

صحيح ان إسرائيل تقوم بعملية إزالة مدينة غزة من الوجود، وصحيح أيضاً أنّ اليهود يقولون إنه على الشعب الفلسطيني أن يترك غزة ويذهب الى النقب أو الى سيناء أو الى أي مكان آخر.

 

الحمد لله أنّ في مصر قائداً عربياً عاقلاً وقوياً رفض أي اقتراح من الاقتراحات التي قدمتها إسرائيل والغرب، بأن ينتقل أهل غزة منها. الشيء الوحيد الذي يصر عليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هو إقامة دولة فلسطينية، إذ يتوجب على الشعب اليهودي أن يعيش بسلام… وهناك طريق واحد، وهو إقامة دولة فلسطينية في ما تبقى من فلسطين.

 

وما دمنا نتحدث عن الحرب الدائرة في غزة، علينا أن نعترف بالدور الانساني الكبير الذي يلعبه الرئيس السيسي، بالنسبة لموضوع فتح المعابر الانسانية لإدخال قوافل الإغاثة والأكل والأدوية والمعدات الطبّية الى غزة، التي أصبحت مفقودة والمياه والمحروقات.

 

الرئيس السيسي يقف بكل شموخ وإصرار على إدخال كل ما يحتاجه الشعب الفلسطيني في غزة من الحد الأدنى من الغذاء والأدوية للبقاء على الحياة الى الحد الذي يكتفي به أهل غزة.

 

نعود الى موضوع التظاهرات التي جاءت رداً وتعبيراً عن الذي يجري في فلسطين من إجرام وهدم للشعب الفلسطيني، وتعبيراً عن ذلك فإننا نرى أنّ التظاهرات عمّت جميع بلاد العالم.

 

حتى في أميركا وهذا شيء جديد يؤكد ان الرأي العام العالمي بدأ يتحوّل ويتجاوب مع التعاطف مع الشعب الفلسطيني ويرفض ما تقوم به إسرائيل من جرائم ضد الفلسطينيين تعتبر كلها جرائم حرب لا يمكن أن يقبل بها العالم… وما أشرت إليه وكان لافتاً، التظاهرة التي جرت داخل الكونغرس الاميركي ضد إسرائيل، وضد الجرائم التي يرتكبها الجيش الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني.

 

أما في لبنان، فكان لافتاً أنّ قسماً من المتظاهرين ذهبوا بالتعبير عن مشاعرهم الى حدود متطرفة من خلال التدمير والحرق، أي بمعنى آخر انهم يتصرفون كما يتصرف الاسرائيليون ضد الشعب الفلسطيني.

 

من هنا أقول: لماذا تريدون إحراق السفارة الاميركية؟ ومن لديه مصلحة في ذلك، وماذا يستفيد الشعب الفلسطيني أو اللبناني من ذلك الفعل؟

 

هذا العمل التخريبي غير مقبول ومدان، ولا يمكن أن يكون تعبيراً صادقاً لمشاعر طاهرة.

 

كذلك، لفتني على شاشة التلفزة مواطن لبناني يملك محلاً تجارياً قرب السفارة، حرقوا محله وهو يقول: إنّ هذه الأعمال لا يمكن أن تكون مقبولة خصوصاً أنّ الخسارة هي على اللبناني.

 

من ناحية ثانية، الاحتجاج أمام الجامعة الاميركية ومحاولة التكسير والحرق: أقول لهؤلاء الجهلة إنّ هذه الجامعة هي واحدة من مظاهر لبنان الحضارية، وانها أهم مؤسّسة كان لها الفضل في وصول الشعب اللبناني الى مستوى مميّز علمياً في العالم العربي.

 

أخيراً، المتظاهرون في إيران الذين حاصروا السفارة الاميركية في طهران ظلوا ٤٤٤ يوماً وفي لحظة من اللحظات هربوا. السؤال: ماذا حققوا ومن استفاد؟ أليْست هذه وصمة عار في تاريخ الشعب الايراني؟