IMLebanon

«بوسطة البعث»

 

صور بشار الأسد الكريهة أثارت ذاكرة اندلاع الحرب الأهليّة، «شو إلو البعث بالأشرفيّة»؟ في نيسان اندلاع الحرب الأهليّة ذكّرتنا استفزازات الأمس ببوسطة عين الرمانة، وبأنّنا لا نزال البلد السايب منذ ستينات القرن الماضي وحتى اليوم! أربعون عاماً على شرارة حرب البوسطة اهتزّت أعمارنا على وقع اهتزاز لبنان، ولكن هل يملك كثير من اللبنانيّون جرأة كشف حقيقة تواطؤهم على أنفسهم وعلى وطنهم ـ شخصيّاً ـ أشكّ في ذلك كثيراً، ولأسباب نراها تعيد صياغة نفسها بأسماء وعناوين مختلفة، هذا تاريخٌ من الحروب المتكرّرة التي لن تنتهي ـ وهذا أصدق القول ـ ونظرة على تاريخ لبنان تكفي القارئ ليصدّق أننا لا نكذبه القول، ألا يتواطأ الوقحون الذين يطالبون بالذهاب إلى نظام بشار، فيما هو يرسل شبيحته ليخترقوا الشوارع المسيحيّة رافعين صوره القبيحة في ذكرى تأسيس البعث الكذاب!!

 

المشكلة فينا لا في شبيحة بشار، وإذا راجعنا تاريخنا على مدار قرنيْن، سندرك أنّنا نعيش في وطن تحكمه طوائف مهما اختلفت أسماؤها ظهر دائماً ارتهانها لمصالح دولٍ أخرى، ولنأخذ مثلاً من تاريخنا في منتصف القرن التاسع عشر، ولاء الطائفة الدرزيّة لبريطانيا العظمى وولاء الطائفة المارونية لفرنسا، وحرب الـ1860، وهي مشهد سيتكرّر مراراً في المشهد اللبناني مع اختلاف أسماء الطوائف!!

 

عندما اهتز لبنان تحت وطأة الوجود الفلسطيني المسلح الذي تمّ تصدير أزمته إلى لبنان حماية للأردن، منذ أيلول العام 1970  كانت إرهاصات الحرب المقبلة واضحة للعيان منذ ارتضى لبنان أن يكون بلداً سائباً نصف شعبه يتآمر عليه وعلى نفسه باسم الدين والعروبة المخادعة، دائماً كان هناك طوائف تتآمر على نفسها وعلى لبنان وتودي به إلى حروب صغيرة وكبيرة، الاستفزازات البعثية بالأمس دفعت كثيرين إلى التحذير من «بوسطة» جديدة، ونظام بشار الأسد لا يريد أكثر من هذا!

 

على عتبة ذكرى 13 نيسان واندلاع حرب العام 1975 التي احتاجت إلى «رواية البوسطة»، تاريخ لبنان يظلّ يُعيد نفسه، البعث أو سواه قادر في أي لحظة على توتير البلاد ببوسطة، وهناك من يهددنا بقدوم مزيد من اللاجئين!! بلد «طول عمرو» يكيد له ويتآمر عليه أهله ويستقوون بالدول على بعضهم، والنار اليوم وبعد عقود طويلة ما زالت تتأجج تحت الرماد، ونسمة ريحٍ أقوى من التي تضرب المنطقة اليوم كفيلةٌ بإشعالها من جديد، واللبنانيون لم ولن يتعلّموا من كلّ تاريخهم، ها نحن اليوم نَهْبَ المحاور الإقليميّة، والبلد ممزّقٌ كأننا عشية نيسان العام 1975، فما الذي تغيّر، أليس هذا تاريخٌ يُعيد نفسه؟!

 

الحرب الأهلية لم تنتهِ بعد… نحن «شلْعات» طوائف الواحدة تلو الأخرى تُعيد إشعال الحرب وتجرّ لبنان إلى الويلات، من الدروز إلى الموارنة إلى السًنّة الذين ناصروا الاحتلال العثماني والناصري والفلسطيني والسوري ضدّ لبنان، إلى الشيعة الذين يختبرون اليوم نفس تجارب الطوائف التي بلغت ذرورة قوتها ثم انكسرت وسحقتها قوانين الحرب ومموليها ورعاتها في الخارج، الآن دور الشيعة وعلى يد حزب الله الذي سيقودهم إلى نكبة كتلك التي نزلت عبر تاريخنا بطوائف لبنان.. وكائن من كان مهما بلغت تفاهته لا يزال قادراً على استفزاز اللبنانيين، السؤال الذي يوجع رأس المواطن: أين القوى الأمنية، ولماذا لم تتحسّب لهذا الاستفزاز البعثيّ العفن؟!