كتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مقالاً غريًبا في صحيفة «النيويورك تايمز» الأميركية يطالب فيه تجنًيا بالاتحاد ضد ما سماه «الوهابية»٬ ورد عليه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مقال في صحيفة «الوول ستريت جورنال» الأميركية٬ مذكًرا بجرائم النظام الإيراني الخميني.
والحقيقة أن على العالم أن يتحد ليس ضد «الوهابية» التي تحدث عنها الوزير الإيراني٬ وإنما ضد خطر الخمينية. «الوهابية» اتفقنا٬ أو اختلفنا٬ حول قبولها كمصطلح٬ عمرها قرابة الثلاثمائة عام٬ وساهمت في مشروع بناء دولة سقطت ونهضت٬ ثم سقطت٬ ونهضت٬ وها هي تمثل شريان الأمان للمنطقة٬ والعالم العربي٬ والإسلامي٬ وهي مصدر أمان٬ وحليف دولي يوثق به. وكما هو معلوم فإن «الوهابية» كانت وظلت شأًنا داخلًيا٬ لا توسعًيا خارجًيا٬ وحفظت المساحة مع السياسة والسياسي٬ ونحن لا نتحدث هنا عن التصور المغلوط للوهابية بعد ظهور السرورية٬ وإنما عن الوهابية التقليدية.
وأما الحديث عن الإرهاب٬ ومحاولة إيران إلصاقه بالسعودية٬ فربما حان الوقت لتخرج السعودية أرقاًما مفصلة لعدد العمليات الإرهابية التي وقعت على أرضها٬ بشكل مجمل٬ وعدد الضحايا السعوديين والأجانب٬ وعدد العمليات التي تم إحباطها٬ سواء من قبل «القاعدة»٬ قبل أحداث سبتمبر (أيلول) الإرهابية في أميركا٬ وحتى اليوم٬ خصوًصا أنه في هذا العام٬ وفي شهر رمضان وحده٬ أحبط الأمن السعودي قرابة 38 عملية إرهابية٬ وقبل محاولة استهداف المسجد النبوي الشريف أواخر شهر رمضان.
وعليه٬ اتفقنا أو اختلفنا٬ حول مصطلح «الوهابية» الذي لا تلزم السعودية نفسها به كحزب٬ فإن «الوهابية» الأصيلة وبتاريخها الممتد قرابة الثلاثمائة عام٬ كانت سند بناء الدولة٬ واستتباب الأمن فيها. وانشغالها٬ أي «الوهابية» كان داخلًيا٬ بينما نجد أن «الخمينية» التي ظهرت عام 1979 هي أساس زعزعة استقرار٬ واستهداف دول٬ وكيانات. إيران «الخمينية» هي التي أعلت شأن قاتل الرئيس المصري الراحل أنور السادات٬ وبذلك وأدت فكرة السلام. وهي التي رعت كل الجماعات الإسلامية٬ ومنها الجماعة الأم الإخوان المسلمون التي خرج من صلبها التكفيريون٬ ومنهم «القاعدة»٬ وأبرز قيادات «داعش». وإيران هي التي عطلت كل مظاهر الحضارة والحداثة حين استهدفت العقول الإيرانية النيرة بعد إسقاط الشاه٬ بينما نجد أن «الوهابية» لم تُحل دون جهود مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز٬ رحمه الله٬ حين شرع في تأسيس الدولة. ورغم كل الآراء المحافظة حينها٬ والمواقف٬ فقد كانت شأًنا داخلًيا٬ واحتفظ السياسي بمساحته٬ وقوته٬ وعلى ذلك سار أبناء المؤسس تطويًرا وترسيًخا لمفهوم الدولة٬ وحقوق المواطنة٬ بينما حرمت «الخمينية» الإيرانيين من ذلك بعد إسقاط الشاه٬ وساهمت في تشويه مجتمعات كانت متقدمة أصلا مثل لبنان٬ وسوريا٬ والعراق٬ التي انتهت إلى خراب واضح٬ بينما تسعى السعودية لاستقرار تلك الدول٬ وتحت مظلة المجتمع الدولي٬ وليس عبر أحزاب وميليشيات كما تفعل إيران الخمينية.