IMLebanon

لكن “النهار” مستمرّة

تحيّة من الوجدان قبل القلب، للشاهد الشهيد الحيّ مروان حماده الصديق الوفي الذي كان بمثابة بيت الأسرار للرئيس الشهيد رفيق الحريري، والذي لا تنقطع سيرته في الأحاديث عن أزمات لبنان المترامية الأطراف.

لقد تابعته وهو يُبهر المحكمة الدوليّة بالوقائع والحقائق والتفاصيل الدقيقة، في قالب روائي مثير لا يدعُ فرصة للتنفس، لا لهيئة المحكمة ولا للمشاهدين المسمّرين أمام شاشات الفضائيّات.

وفي الكثير من الأحداث والأدلة يتراءى لنا كأنه يعيد الزمان بكل أثقاله وتنغيصاته، لا ليسلّي المحكمة والناس، بل ليضع بداية لمسلسل الحقد والقهر والاضطهاد، تحمل في طيّاتها ومشاهدها ما يوفّر للمحكمة الدوليّة والرأي العام الصورة الكاملة التي مهّدت لزلزال السان جورج.

أعادنا مروان حماده بأطروحته المتناهية في الدقّة إلى زمان الحلم الكبير. وإلى ما قبله، وما مهّد له. وأدهشنا بترتيبه لهذه المطالعة التي يعجز أمامها أيّ اعتراض، أو سؤال، أو استفهام، بالنسبة إلى كل شاردة وواردة تتّصل بجريمة اغتيال رفيق لبنان وأحلامه.

رفع الغطاء عن الكثير مما كان يتبدّى للناس أنه مجرّد شائعات أو أوهام، كوْن التفاصيل الصارخة التي فجّرتها الحقائق المتراكمة بدت بذاتها أغرَب من الخيال.

وخصوصاً عندما وصل الشاهد المطّلع على كل شاردة وواردة إلى المعاناة الحريريّة مع تلك اللحظات التي ظهّرت حجم العداء والبغض لرجل الخير والعمران الذي نذر نفسه لإعادة بناء لبنان أحلى مما كان، وتالياً إعادة الاعتبار والاعتداد إلى اللبنانيّين.

إلا أن اللحظة المثيرة تجلّت بمضمونها ومخزونها وأبعادها حين رفع مروان حماده الغطاء عن حجم الحقد الذي يختزنونه لراية الحرية، أمّنا الخالدة، جريدة كل لبنان وكل العرب، “النهار” التي لا تهادن في معارك الحرية.

“النهار” التي أبت إلا أن تشهد بالحقّ وتقف إلى جانبه، وتتشبّث بالحقيقة وتحارب بسيفها، وتنحاز تلقائياً إلى جانب المظلومين والمقهورين ضد الظالمين والطغاة والمستبدّين…

هكذا، أرادوا تحطيم “النهار”، في سعيهم إلى تفليسها. وهذا ما أجاد الشهيد الحيّ في تقديم لوحته بدقة وهدوء. إذ يصعب على الجائرين أن يقبلوا بهذه القلعة التي تحطّمت على أدراجها عهود، وجيوش، وحملات، ومحاولات مليئة بالعداء، كان مآلها كلها الفشل الذريع.

ستظلّ الكلمة الحرّة تقضّ مضاجع المستبدّين وتلاحقهم، بالوقائع الصافعة، إلى أن يشرق فجر الحريّة على بلادنا.

اغتال حقدهم الرئيس رفيق الحريري، والحبيب جبران تويني وكثيرين. لكن “النهار” مستمرّة، والعدالة آتية.